في هذا الموضوع، يتابع كلٌّ من لارجي وواتسون الحديث حول تفادي الروائح الكريهة:
كذلك، ظهرت أفكار نمطية عرقية، كتلك المستخدمة مع
اليهود، من خلال استخدام الرائحة البشعة وربطها بأقليات محددة. كان قد أشار دولارد
بالإضافة إلى كلينبرغ إلى مزاعم الرائحة الكريهة باعتبارها مكوِّن أساسي للنظرة
العرقية لدى البيض تجاه السود، حيث تبدو الحساسية المفرطة أو الانزعاج من روائح
الجسد أمراً بديهياً.
ارتبطت الروائح الكريهة بالطبقات الفقيرة، التي تُصدِرُ
روائحَ منفرةً ويجب العمل على تفاديها ممن لديه حساسية منها1.
كما لاحظ سيميل:
"عدم النظر في مأساة الطبقة العمالية أو
البروليتاريا، هو أقل بكثير من عدم النظر بالأسباب الأكثر واقعية لها،
والتي ستسحقنا حسيا وبشكل مباشر. نتمكن من شمّ جو شخص ما باعتباره
التصور الأكثر حميمية عنه. ومن البديهي بأن نمو الحساسية الشمية بالعموم، قد
يُحدِث انتقاء واتخاذ مواقف بشكل ما وبدرجة ما، ويشكل هذا واحدة من القواعد
الحساسة بالنسبة لتحفظات إجتماعية على الفرد الحديث"2.
ربما يمكن أن يُضاف إلى رأي سيميل الذي يُضفي الطبيعة
الشخصانية على الإدراك الشمي، عملية التفسير الاجتماعي العفوية لتلك الإدراكات،
بالإضافة إلى الأفكار النمطية السائدة والمؤثرة والمزاعم الخاصة بروائح كريهة تصدر
عن أعضاء جماعات يمكن أن تسبب ظهور فهم "غير دقيق" وربما لا يعكس
تفسيرنا لمعنى تلك الرائحة الظرف أو العادات لذاك الفرد أو لجماعته. بالتالي، ربما
حُوفِظَ على هذا الإقصاء الاجتماعي من خلال مزاعم تقليدية لا عبر انطباع
"مُدرَك بصورة واقعية" ناشيء عن روائح كريهة. نجد مثال حول هذا الأمر في
منشور (بيان النهضة الوطنية 1963)، حيث يُصرُّ أبوان بيض على إبعاد أولادهم عن
مخيم شبابي متخصص بتشجيع الزواج المختلط بين الجماعات المختلفة:
"كيف تحبه
إن لم يكن طفلاً أبيضاً جيد التكوين؟ هل تحب من لا يوجد لديه حساسية ويُشبه
القرود؟ أن يمتلك جسداً جميلاً ولكنه أسود وتصدر عنه رائحة الشياطين؟"3.
بالنهاية، هناك أفكار نمطية مدنية – ريفية. في المجتمعات
الغربية المدنية، ربما سمعتم كيف يربطون بين المزارعين وروث الحيوانات أو الأعمال
"الترابية – القذرة"، فيما يُطلقُ المزارع على سكان المدن أوصاف مثل
"تصدر عنهم رائحة عفنة اصطناعية"، المعطرون، أو مصنع – للروائح الكريهة.
كذلك، يحضر توصيف مدني – ريفي مماثل في المجتمع الصيني،
ويذكر بيرل بوك هذا الأمر، حيث يقول:
"كان وانغ لونغ وزوجته وأولاده كالغرباء في
تلك المدينة الجنوبية. اشتغل في حقوله وكان لديه محصولين كل عام، دون أن يبذل
الكثير من الجهود، القمح والأرز والقليل من الذرة واللوبياء والثوم، اعتبر بعض
سكان المدينة بأن ما يحدث في حقول تلك العائلة لافت للانتباه وانهم يستخدمون براز
بشري في تخصيب الأرض. في منطقة وانغ لونغ، إن تمكن شخص من امتلاك رغيف من طحين
القمح وبعض الثوم عليه، يُعتبر بأنه قد حصل على وجبة غنية ولا يحتاج للمزيد. لكن
في هذه المدينة الجنوبية، تعودت الناس على تناول أشياء مختلفة مثل لحم الخنزير
وأنواع خضار وفاكهة مختلفة وسواها من الأطعمة، وعندما يأتي شخص شريف تصدر عنه
رائحة الثوم، كانوا يرفعون أنوفهم ويصرخون بأعلى صوت: "تصدر رائحة كريهة هنا
الآن، إنها رائحة الشماليّ ذيل الخنزير"4.
تدفع رائحة الثوم تجار الثياب إلى رفع أسعار الألبسة
القطنية الزرقاء كحال رفعهم لأسعارها عندما يبيعون أجنبي.
على مستوى الأفراد والجماعات، نميل كذلك إلى ربط جوانب
معينة شخصية وبيئية بلغة روائح واقعية أو مزعومة، وبهذا، نسعى إلى تجنبها. لنأخذ
بعين الاعتبار، على سبيل المثال، مشاعر التجنب ونماذج التعميم المرافقة للروائح
الصادرة خلال عملية جراحية للأسنان2، روائح دهون مقززة في مطعم، أو
عاملة في حانة تصدر عنها رائحة التبغ القوية. لاحظوا التوجُّه نحو الربط
الذهني بين مشافي المختلين عقلياً وأجنحة المسنين وبين رائحة البول5.
بشكل شبيه، يجب أن نلاحظ بأنّ الأرض ستتضرر حين
تطغى روائح مصانع المعلبات ومصانع الغراء ومصانع الجعة والمدابغ ومصانع الورق على
المشهد.
في ظل انشغالهم مع المؤسسات السياسية والاقتصادية في
المجتمع، يُهملُ أخصوئيُّو علم الاجتماع ملاحظاتهم الحسية، سواء كانت بصرية أو سمعية
أو شميّة في الغالب الأعمّ من الحالات.
المصادر
1. Dollard, John, p. 381. 1957. Caste and Class in a Southern
Town, New York: Doubleday; Klineberg, Otto. 1935, p. 29. Race
Differences. New York: Harper.
2. Simmel, Georg, p. 658. 1908. Sociologie. Leipzig: Duncker
& Humblot.
3. National Renaissance Bulletin. Ca. 1963. Youth Movements. Pamphlet. New
York: National Renaissance Party.
4. Buck, Pearl, pp. 110-11. 1931. The Good Earth. New York: Grosset
& Dunlap.
5. Henry, Jules, pp. 406-8. 1966. Culture against Man. London: Tavistock.
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
(1) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(2) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(3) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(4) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(5) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
No comments:
Post a Comment