Monday, July 7, 2025

Sociology of smell and Odours (13) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

 

في هذا الجزء، يجري الحديث حول موقف قديم مناهض للحواس عموماً، ولحاسة الشمّ على وجه الخصوص: 

منذ قديم الزمان، رافقت الممارسات الشمية والروائح الطبيعية الكائن البشريّ في لحظات تاريخية مختلفة: 

الزهر، الشجر، الحرش، رائحة البحر الملحية أو رائحة الأرض المتبللة بالمطر الهاطل للتوّ وروائح كثيرة أخرى. دخلت هذه الروائح والأريج والعطور أو الزيوت العطرية، بشكل تدريجي، إلى الثقافات بصورة واعية أحياناً؛ وبصورة تحت واعية بأحيان أخرى، حيث حضرت في الطبيعة لحظة ظهور الكائن البشريّ على سطح الأرض1.

 

رغم هذا، فعدم أهليّة حاسة الشمّ والحطّ من قيمتها وقيمة الروائح، هي نظرة قد طبعت طروحات فلاسفة العصور القديمة، إستمر حضورها لتبلغ ذروتها مع بعض فلاسفة عصر التنوير (سيجري الحديث حولهم بجزء لاحق). تعزَّزَ إقصاء الروائح عن النطاق العلميّ، بل ظهرت عدواة تجاه حاسة الشمّ، حصل هذا بالتوازي مع نموّ الإهتمام بالحواس ضمن الإقتصاد السياسيّ. تعصى الروائح، صعبة القياس والتسمية والإنتاج، على عمل المناهج العلمية المهتمة ببحث العلوم الدقيقة وهندسة الكون والمنطق الرياضيّاتي وهندسة الأشكال، فلا مكان لحاسة الشمّ.

ترك تقييم الفلاسفة لحاسة الشمّ تأثيره، دون شكّ، على أبحاث العلوم الطبيعيّة بالعموم، وعلى العلوم الإجتماعية والثقافية بشكل خاص. تركزت الأسئلة الفلسفية، دوماً، على وجهات النظر التالية:

هل الحواس، بالعموم، وسيلة مناسبة لإكتساب المعرفة؟

إن تكن هكذا، أيّة حواس ذات أهمية أكبر بتحصيل تلك المعرفة؟

ما هي الحواس إنطلاقاً من وجهة نظر أخلاقية: أيٍّ منها جيّد وأيٍّ منها مُستهجن على المستوى الأخلاقيّ؟

إنطلاقاً من هذه الإعتبارات، كيف يمكن وضع تراتبيّة حواسيّة؟

بحسب بارميندس، الحواس هي مصدر كل خلل أو خطأ. فهي تُقدِّمُ لنا عالماً مفعماً بالتحوُّل والخطأ والحركة، ووفق رأي بارميندس، هي ليست تحولاً ولا حركة، بل وجود ثابت لا يتغير ولا يتبدل2.


بالنسبة لأفلاطون (427-347 قبل الميلاد)، حاسة الشمّ، كما الرائحة، هي واحدة من الملذات الإلهية ضئيلة الأهمية. وقد كتب القليل جداً حولها3.

 

بحسب أنطوني ساينوت: 

خلق أرسطو تسلسلًا هرميًا واضحًا للحواس. في الأعلى، وضع حاستي البصر والسمع البشريتين وفق إسهامهما على مستوى الجمال والموسيقى، ويمكن أن يقودا إلى الله. في الأسفل، وضع حاستي الذوق واللمس الحيوانيتين، حيث يمكن إساءة إستخدامهما، عن طريق الشراهة والشهوة على التوالي، ولا يمكن أن تقودا إلى الله. في الوسط، وضع حاسة الشم، حيث لا يمكن إساءة إستعمالها، في نظر أرسطو، ولكن، بالنهاية، لا تقود إلى الله؛ رغم ذلك، فقد صنفها كحاسة إنسانية، لكن، هي أدنى الحواس“. تابع توما الأكويني الخطّ الذي رسمه أرسطو4.

 

بحسب فيديريكو كوكسو: 

كما هو مذكور في أعمال أرسطوفان وزينوفون، أشار الفيلسوف سقراط إلى أن الروائح تعكس وتشير إلى الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص. وبالتالي، مثَّلَ وضع العطور عملية إخفاء للفروق الشمية بين المواطنين الأحرار والعبيد. وقال إن الرائحة الوحيدة المشروعة للرجل هي رائحة الزيت المستخدم في الصالات الرياضية. وقد تعلم تلميذه أفلاطون من أستاذه: وكما يذكر عالم النفس والكاتب الهولندي بيت فرون: فإن الفيلسوف ادعى أن الروائح لا تحفز سوى المتعة الجسدية وأنها حكر على العاهرات. من ناحية أخرى، يجب أن يهتم الأشخاص الفضلاء بخيرات الروح. كما إهتمَّ أرسطو أيضًا برائحة الجسد الكريهة: ”لماذا تبدو رائحته كرائحة الماعز بعدما يتعطر؟“ أو ”لماذا تبدو رائحة النَفَس أبشع وأثقل لدى الأشخاص المنحنين والحُدْبٍ؟"5.

المصادر 

1. AL‐AZHAR, Aromas de Leyenda como objeto de estudio. Editor: Editorial de la Universidad de Granada. Autor: Iluminada Pérez Frutos D.L.: GR 1936-2014. ISBN: 978-84-9083-107-6 

2. Die soziale Konstruktion olfaktorischer Wahrnehmung. Eine Soziologie des Geruchs. Dissertation zur Erlangung des akademischen Grades des Doktors der Sozialwissenschaften an der Universität Konstanz. Vorgelegt von Jürgen Raab im September 1998

3. Elogio y vindicación del olfato, Alfonso Fernández Tresguerres, disponible aquí:

https://www.nodulo.org/ec/2003/n013p03.htm

4A sociology of smell, Anthony Synnott. The Canadian Review of Sociology and Anthropology, vol. 28, nº 4, in November 1991 

5Federico Kukso, Odorama; Historia cultural del olor. Taurus. 2019


للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة

 (1) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(2) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(3) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(4) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(5) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(6) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(7) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(8) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(9) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(10) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(11) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(12) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(14) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(15) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

(16) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح

No comments:

Post a Comment