في هذا الجزء، يجري الحديث حول معنى الروائح ومحاولات تصنيفها
فقد تساءل أنطوني ساينوت حول معنى الروائح، قائلاً:
ما هو معنى الروائح؟
وكانت إجابته على الشكل التالي:
"قبل
أيّ شيء، علينا التمييز بين أنواع روائح مختلفة، هي:
طبيعية (مثل
روائح الجسم) ومصنعة (مثل العطور والتلوث) ورمزية (مثل الإستعارات الشمية). هذه
الأنواع الثلاثة من الروائح ليست منفصلة تمامًا؛ في الواقع، في أي موقف إجتماعي
معين، قد تتواجد الروائح الثلاثة معًا وتمتزج سوياً. مع ذلك، هي منفصلة من الناحية
المفاهيمية، رغم هذا، فالرائحة الرمزية هي ما سنهتم به بشكل أساسي.
الرائحة عبارة عن أشياء كثيرة، من قبيل:
علامة على الحدود البينية ورمز للمكانة ومحافظة على المسافة وتقنية لإدارة الإنطباع ومزاح أو إحتجاج تلميذ وإشارة على حضور خطر ما، ولكن قبل كل شيء، هي تعبِّر عن هوية الشخص. بحيث تحدد الروائح هوية الفرد والجماعة، كما هو الحال بالنسبة للبصر والصوت والحواس الأخرى؛ تتوسط الروائح في التفاعل الاجتماعي أيضاً"1.
تصنيفات اخرى للروائح
بحسب جين ليفي2:
يعتبر أنطوني ساينوت أن عدم وجود تصنيف متفق عليه للروائح هو ما يفسر تدني مكانتها تاريخيًا بين الحواس3، لكن، قد جرت محاولة تصنيفها.
ففي العام 1752، إقترح لينيوس وجود سبع فئات من الروائح، هي:
عطريّة،
أريجيّة، شذيّة، ثوميّة، ماعزيّة، ملوّثة ومُقزّزة4.
حدَّثَ عالم
النفس الهولندي هندريك زوارديميكر ذاك التصنيف إلى تسع تصنيفات مع تصنيفات فرعية
إضافية – أثيرية (فواكهية، صمغية والأثير) والزهورية والبلسمية (أزهار، بنفسج،
فانيليا).
العام 1916، توصل هان هينينج إلى إقرار ستة تصنيفات، هي:
عطرية؛ أثيرية؛ راتنجية أو صمغية؛ لاذعة أو بهاراتية؛ عفنة؛ محترقة5.
في وقت لاحق، صنَّفَ ماكجي الروائح، على النحو التالي:
خضراء (خيار/بطيخ)؛ فواكهية؛ زيتية نباتية)؛ زهرية
/ حمضية / صنوبرية؛ راتنجية فينولية (لاذعة، دافئة، حادة)؛ كبريتية6.
من المؤكد أن فشل هذه الأنظمة في الإنتشار (على الأقل خارج بعض مجموعات محددة جدًا من الناس) يعكس محدودية إستخدام التشبيه لتوصف الخبرة، لا سيما في سياقات ثقافية مختلفة أو متضاربة.
نشعر بأننا نعرف ما يعنيه ماكجي بكلمة "أخضر"، لكن، تبدو هذه الكلمة غير كافية وغير دقيقة، بل مفتوحة على الكثير من التفسيرات.
"فكرة امتلاك الرائحة لمعنى رمزيّ جديدة نسبياً لدى أخصائيي علم الاجتماع. رغم إدراجها من قبل أخصائيي علم الإنسان ضمن ملاحظاتهم الوصفية للمجتمعات البدائية في مطلع القرن العشرين، كذلك، كتب مؤرخون فرنسيون دراسات طالت الرائحة بوصفها تهديداً للنظام الاجتماعي، علماً أنه جرى إهمال فكرة رمزية الرائحة اجتماعياً على مدى زمني طويل. رغم هذا، يوجد كثير من الأمثلة المحيطة بنا التي تؤكد أهمية الروائح، يتجلى بعضها عبر قواعد سلوكية، فيما يتجلى البعض الآخر في الحياة اليومية. يشكّل احتراق البخُور في الكنائس الكاتوليكية مثال عن طقس، يحدث فيه تحديد للجماعة من خلال الرائحة: حيث تُستثمر رائحة البخور، بذاتها، وبصورة مؤكدة، كدلالة طقسية. على نحوٍ بيِّن، يمتد معنى الرائحة الرمزيّ إلى ما هو أبعد من النطاق الدينيّ. يمكن أن يرسم حدود ثقافيّة، أو يخلق بُعد (مسافة) إجتماعي؛ يمكن أن يشكّل علامة تحذير، رمز لمكانة اجتماعية، تقنية توليد انطباعات، او إشارة احتجاج حتّى"7.
واجهت مشكلة
تصنيف الروائح علمياً العطّارين المحترفين والناس العاديين على حد سواء. بمرور أكثر من نصف قرن،
كتب العطّار إدوارد ساغارين8 حول مهنته باعتبارها "علم البحث عن
لغة"، ويُشير إلى أننا نخفق في توصيف الروائح عبر استخدام معاني مصطلحات
دقيقة. على الرغم من التقدُّم الهام في تقنيات معايرة الروائح في العقود الأخيرة،
يبقى أمر خلق مصطلحات علمية أو تصنيف كونيّ لها إشكاليّ حتى الآن. ما تزال
التوصيفات مبنية على التشابه الماديّ (فاكهيّ "روائح الفاكهة"، زهريّ،
دهنيّ، ...الخ) وعلى استعارة روائحية لحواس أخرى("خضراء"،
"دافئة"، "صارخة"، ...الخ). بالتالي، تختلط تلك التوصيفات
اللغوية اللفظية بالسياق الثقافي المحدد، الذي نتجت ضمنه. في التحليل الألسنيّ البنيوي
(النظرية البنائية - معجم علم الاجتماع) للروائح، يتوجب إذاً عدم التغاضي عن
الفروقات بين السياقات، التي نتجت خلالها تلك التسميات (المصطلحات) والتصنيفات.
تواجه عملية
تصنيف الروائح مشكلة أخرى، تتمثل بتعقيد التحليل التاريخي المقارن، وتتصل بتغير
مستمر في دور ومعنى الروائح بمرور الزمن. بناءاً عليه، لا يجب التعاطي مع أصناف
الروائح على اعتبارها كيانات ساكنة أو ثابتة.
فكما يُشير مارك سميث9 في كتابه "أحاسيس الماضي":
"فهم غربيُّو ما قبل الحداثة الرائحة من خلال وجوب امتلاكها لمعنى روحي خاص وربطوها بشكل لصيق بالصحة الجسدية. كذلك، أشارت الرائحة إلى الحقيقة وكانت عبارة عن إحساس متصل بالمعرفة".
المصادر
1. A sociology of smell, Anthony Synnott. The Canadian Review of Sociology and Anthropology, vol. 28, nº 4, in November 1991
2. Jane Levi, Engraved in the Mind: The Significance of Smell. The London Consortium.11 May 2012
3. Low, K. E. Y. (2009), p.5. Scents and Scent-sibilities: Smell and Everyday Life Experiences. Newcastle, Cambridge Scholars.
4. Low, K. E. Y. (2009), p.4. Scents and Scent-sibilities: Smell and Everyday Life Experiences. Newcastle, Cambridge Scholars.
5. Smith, J. (1989). Senses and Sensibilities. New York, John Wiley.
6. McGee, H. (2004), p.273. McGee on Food & Cooking. An Encyclopedia of Kitchen Science, History and Culture. London, Hodder & Stoughton.
7. Cosmologies, Structuralism, and the Sociology of Smell. by Marcello Aspria, November 7, 2008. © 2009 ScentedPages.com
8. Sagarin, Edward, The Science and Art of Perfumery. First edition. London, New York: McGraw-Hill Book Company, Inc. (1945)
9. Smith, Mark M., Sensing the past: seeing, hearing, smelling, tasting, and touching in history Berkeley, Los Angeles: University of California Press (2007)
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
(1) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(2) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(3) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(4) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(5) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(6) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(7) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(8) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(9) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(10) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(11) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(12) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
(13) علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
No comments:
Post a Comment