في هذا الموضوع، يتحدث كلٌّ من لارجي وواتسون حول إدارة
الإنطباع الحسيّ، أو التحكُّم به، من خلال الروائح:
على اعتبار أن الروائح تُضيف حقاً معنى إجتماعياً، فليس
مفاجئاً القول بأنّ عدد من الممارسات قد تطورت بواسطة الهوية الشمية وأن التعرُّض
للروائح يجعلها عُرضة للتلاعب والتغيُّر بالنتيجة. هناك تقاطعات ثقافية وتاريخية
في محاولات "إضفاء" المصداقية على الرائحة.
كذلك، هناك أمثلة كثيرة حول محاولة خلق روائح مرغوبة.
لأجل إقرار هوية شمية مقبولة إجتماعياً ولأجل الحفاظ
عليها، استخدم الفاعلون قاعدتين عمليتين:
إزالة الروائح الكريهة والتعطُّر.
تقوم القاعدة الأولى على لزوم إقصاء الروائح، التي
لا تحظى بقبول اجتماعي من خلال أنشطة مثل الإغتسال والغرغرة وتنظيف الأسنان. يوجد،
عادة، إهتمام خاص حول إزالة مخلفات التعرق الجسدي.
فيما تقوم القاعدة الثانية على تقديم الذات من خلال
التزود بروائح مقبولة اجتماعياً عن طريق "فنّ" التعطُّر1.
تنطوي عملية إزالة الروائح الكريهة على تقديم إنطباعات
تطال "الصحّة الجيدة" و"النظافة"، بينما تُعطي العطور
الانطباع "بكون الشخص مفعم بالنشاط ومحبوب من قبل الآخرين".
من خلال استخدام مزيلات الرائحة الكريهة والعطور، يمكن
أن يستبق الشخص تحديد هويته بوصفه "جيد، نظيف وإنسان لطيف" لا شخص
"نتن" أو "ذو رائحة خانقة".
من خلال تلك الممارسات، يحاول الشخص تفادي الشجب المعنوي
وتقديم هوية تتفق مع التطلعات الإجتماعية، التي بدورها، تُكسبُ مصداقية معنوية:
إن من تصدر عنه رائحة لطيفة هو شخص لطيف.
ترتبط الهوية الشمية للفرد، على وجه الخصوص، بالعرق وبالطبقة
وبالهوية الجنسية (الجندر):
وكما لُوحِظَ مبكراً، يرتبط التعطُّر بقوّة بالتقديم
والتلاعب بتلك الهويات. فقد لُوحِظَ بأنه جرى وصم الأقليات العرقية بمصطلحات
مرتبطة بالروائح، فكما أشار دولارد، إلى أن الادعاء بكون الأقليات العرقية
"مُصدرة لروائح كريهة، يُعتبر طريقة مساعدة لأقصى حدّ في إلصاق علامة الطبقة
الدنيا بهم وبهذا يتم تبرير الفوقية كسلوك".
ملاحظة: بخصوص العطور، طرح ثيودور روزبيري1
تساؤلات مثيرة للإهتمام وفي صلب علم الإجتماع، هي:
هل يتوجب علينا، أحياناً، التساؤل عن سبب إعجابنا بالورود أو بجوز الهند أو بالغزلان الآسيوية أو بأحشاء حوت العنبر؟؛
ألا يمكننا تعلُّم التأقلم مع رائحة العرق الصادرة عن إناث
وذكور أصحاء؟.
بالطبع، هو يُشير إلى الإهتمام التاريخي الكوني للإنسان
بقضية تغيير الروائح الشخصية والتحكم بها لكي يُصدِرَ روائح شبيهة برائحة الورود
أو الأشجار أو الحيوانات.
لماذا توحي رائحة الزنبق
بأمر محبّذ؛ فيما توحي رائحة العرق البشريّ بالخجل؟
هل يساهم المعنى الإجتماعي المشين المرتبط بالروائح
بتنفير الفاعلين الإجتماعيين من أجسادهم ذاتها على نحو شبه مستمر أو دائم؟2
يتبع
المصادر
1. Rosebury,Theodor. 1969, page: 208. Life of Man. New York: Viking.
2. Dollard, John. 1957, p. 380. Caste and Class in a Southern Town, New
York: Doubleday.
للإطلاع على مواضيع أخرى ذات صلة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (1) تعريف علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (2) عدم الإهتمام بهذا العلم
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (3) أهمية الروائح
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (4) آراء أخصائيين بعلم الإنسان بهذا الموضوع
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (6) دور الروائح في النفور والإنجذاب
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (7) تفادي الروائح الكريهة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (8) رائحة الأزهار وهويّة شميّة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (10) إدارة الإنطباع الحسي متابعة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (11) متابعة الحديث حول الإنطباع الحسي
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (12) نهاية الحديث حول الإنطباع الحسي
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (13) مناهضة الحواس، سيما حاسة الشمّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (14) مواقف فلاسفة وأخصائيين إجتماعيين من الموضوع
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (15) مواقف قديمة داعمة للموضوع
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (16) معاني وتصنيفات الروائح
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (17) العلاقة بين الشمّ والروائح والذاكرة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (18) كيفية بناء التقييم الشميّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (19) حاسة الشمّ والأغذية والتذوُّق
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (20) الرمزية الشميّة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (21) تاريخ وسياسة حاسة الشمّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (22) الشمّ والروائح والتقسيم الطبقيّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (23) حاسة الشمّ والروائح والتقسيم الجندريّ الجنسيّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (24) الروائح والعنصرية
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (25) عوالم حسيّة مختلفة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (26) الروائح والشمّ في الطبّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (27) أهمية بحث علم الإجتماع للروائح
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (28) الروائح والهويّة وخسارة القدرة على الشمّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (29) رائحة الفم (النَفَسْ) الكريهة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (30) رائحة الأقدام الكريهة
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (31) جورج زيميل وحاسة الشمّ
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (32) روائح المدن
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (33) العلاقة بين حاسة الشم والروائح واللغات
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (34) الروائح في العمل التجاري
علم إجتماع حاسة الشمّ والروائح (35) الأديان الإبراهيمية والروائح والشمّ
No comments:
Post a Comment