في هذا الموضوع، وفيما سيليه من مواضيع، أعرض محاولة لارجي وواتسون للإجابة
على الأسئلة المذكورة في الموضوع السابق، مع الإشارة إلى أن الروائح، ورغم تجاهل
علماء الإجتماع لها خلال زمن طويل، ذات تأثير كبير على التفاعل البشري.
الروائح والوضع الأخلاقي
يُعبَّرُ عن كثير من الرمزيات الأخلاقية البارزة المتعلقة بالتفاعل من خلال مصطلحات ذات صلة بالصور الشمية.
ربما يُوصَفُ الشخص غير الموثوق به "كشخص
نتن".
بالمقابل، يُوصَفُ الشخص التقي الورع، مجازياً، على أنه شخص تصدر عنه
"رائحة القداسة"1.
بذات الوقت، يمكن تصنيف المصطلحات وفق "كريهة الرائحة وشديدة
القذارة" أو في المقلب الآخر "نظيف ومرتب"2.
بكل الأحوال، تُستخدَمُ بعض الروائح أحياناً، سواء كانت حقيقية أو مزعومة،
كمؤشرات على الطهارة الأخلاقية لبعض الأفراد والجماعات في سياق النظام الاجتماعي،
بحيث تبدو عواقب تلك المؤشرات واقعية للغاية.
على سبيل المثال، لاحظ إ. ت. هول بأنه عندما رتَّبَ وسطاء حفل زفاف عربي، قد اهتموا إهتماماً بالغاً برائحة الفتاة، بحيث يتم رفضها إن "لا تصدر رائحة زكيّة عنها".
في ذات المنحى، يُشير هافلوك إليس إلى عدد من الأوضاع، التي
ادعى كهنة خلالها أنه باستطاعتهم تمييز الأنثى العذراء من خلال رائحتها3.
وبشكل مماثل، تصف بيرل باك ربط الروائح مع الطهارة في الثقافات الشرقية.
تتحدث بوك في كتابها "سُرادق النساء" عن التفاعل بين الصينيين والغربيين ورأيهم فيهم، قائلةً:
يكونوا "متعفنين من الداخل بسبب غلاظة لحومهم وغزارة تعرقهم وكثافة
شعرهم الشبيه بالصوف!"4.
بعد ذاك، تصف تقييم السيدة الصينية "وو" لخصلة في واحدة من بناتها واسمها
رولان:
"افتحي فمكي، حيث يصدر النَفَس العذب الجميل منه. لاحظت بأن كل تنانير
الفتيات وألبستهن الداخلية، قد أصدرت رائحة. أمسكت بأيدي الفتيات وشمَّت كفوفهن،
صدرت عنهن رائحة، صدر عن شعرهن رائحة، وصدر عن الجسد رائحة لطيفة. قالت السيدة "وو" لابنتها: ما يصدر عنكي رائعاً، يا ابنتي!"5.
يُخبرنا المؤرخون بأنه خلال العصور الوسطى، تعرَّضَ العطارون للإشتباه بهم كمسؤولين عن "إنحلال أخلاقي"، وأُشيرَ إلى هذا بالقول:
"رغم هذا الإشتباه، الذي يوحي بنظرة سلبية للعطارين، فقد جرى الإحتفاظ بخدماتهم سيما من قبل الملوك"6.
ساد الإعتقاد بأنه يمكن كشف "المشعوذين والمهرطقين الكفرة من خلال رائحتهم الكريهة والنتنة7؛ كذلك، ساد إعتقاد عميق طال قدرة المتدينين الكبيرة على معرفة فضائل ورذائل الآخرين من خلال رائحتهم".
شكَّلَ اليهودي حالة من الرذيلة الخاصة، فقد لوحظ
صدور رائحة بشعة عن اليهود، واعتقدوا بأن تلك الرائحة تزول، بصورة إعجازية، بعد
تحولهم وتعميدهم في الإيمان المسيحي8.
بعيداً عن الحديث حول أهمية الروائح على الصعيد الأخلاقي، فقد حدد الإعتقاد بأهميتها الكثير من معانيها عبر إعتقاد إضافي، قد تمثل بطقس الفصح اليهودي، حيث يجري قتل أطفال مسيحيين كأضاحي، لكي تتم تصفية دمائهم وشربها لأجل التخلُّص من رائحتهم النتنة، شكَّلَ هذا الأمر فعلاً شيطانياً وعملاً قد مارسته مجموعة غير أخلاقية9.
يتبع
المصادر
1. Wright, Lawrence. 1967. pp. 23-24. Clean and Decent. Toronto:
University of Toronto Press
2. Hall, E. T. 1969, p. 119. The hIidden Dimension. New
York: Doubleday.
3. Ellis, Havelock. 1928, 4:64. Studies in the Psychology of Sex.
Philadelphia: Davis.
4. Buck, Pearl. 1931, p. 159 The Good Earth. New York: Grosset &
Dunlap.
5. Buck, Pearl. 1946, p. 262 Pavilion of Women. New York: John Day.
6. Bacon, S. W. 1957, 3:248. A Social and Religious History of
the Jews. New York: Columbia University Press.
7. Summers, Montague. 1956, p. 44. The History of Witchcraft and
Demonology. New York: University Books.
8. Golding, Louis. 1938, p. 59. The Jewish Problem. London:
Penguin; Klineberg, Otto. 1935, p. 130. Race Differences. New York: Harper.
9. Hecker, J. F. D. 1859, pp. 38, 70-74. The Epidemics
of the Middle Ages. Translated by B. G. Babington. London: Trubner.
Hay tantos estereotipos históricos utilizados para caracterizar a los diferentes grupos religiosos de todo el mundo -no sólo en términos de olores, sino también a muchos otros niveles- que la generalización anterior sobre los judíos no puede tomarse en serio
Es gibt so viele historische Stereotypen, die zur Charakterisierung verschiedener religiöser Gruppen auf der ganzen Welt verwendet werden - nicht nur in Bezug auf Gerüche, sondern auch auf vielen anderen Ebenen -, dass die obige Verallgemeinerung über Juden nicht ernst genommen werden kann
No comments:
Post a Comment