Saturday, July 5, 2025

Fenicios en Granada – Fenicios granadinos (4) فينيقيُّون في غرناطة – فينيقيُّون غرناطيُّون

1.1.4 فينيقيُّون في باثا

موقع بلدة باثا في الداخل الغرناطيّ

درب الفينيقيين السياحيّ، حيث تتواجد بلدة باثا عليه، إلى جانب بلدات كثيرة أخرى في إسبانيا

 

سيِّدة باثا الفينيقيّة 

منحوتة كلسية مُستخرجة من القبر رقم 155 من مقبرة باثا الفينيقيّة، غرناطة، وتعود إلى النصف الأوّل من القرن الرابع قبل الميلاد. 

السيِّدة هي تمثيل لإمرأة من عليّة القوم ببلدة باستي (الإسم الفينيقيّ لبلدة باثا، وهو الإسم الراهن) والتي يعكس طقس دفنها مكانتها الإجتماعية الهامة. تتجلى فرادتها من خلال وظيفتها كإناء لحفظ رماد الجثث إضافة إلى العناصر الرمزية المُرافقة: الكرسيّ المجنح هو رمز الألوهة، والحمامة التي تحملها على يدها والمفسرة كرابط بين المرأة التي يمكن أن تموت والإلاهة التي تعمل كحامية للطائر كما لعظام الموتى. تعود القطع الموجودة في القبر للعالم المشرقيّ الفينيقيّ، وهو ما يؤكد على أقدمية سلالة الميتة. كذلك، هناك قطع معدنية لمحاربين مخزنة بجانب القدمين على شكل قربان، ويُفسَّرُ هذا كإحتفال جنائزي بنضال المحاربين. سيّدة باثا ليس حالة معزولة، بل لها إرتباطات ضمن العالم الإيبيريّ والمتوسطيّ. فهي بشكل أو بآخر، ترتبط بكل القطع الرئيسية للفنّ الإيبيريّ، الذي يشكل جزءاً من المشهد الفني المتوسطي الغربي، وبالنهاية، ليس سوى إمتداداً ومنطقة نفوذ للمتوسط الشرقيّ الفينيقيّ.

تغوصُ جذور تلك الثقافات عميقاً في حقبة سابقة، ذات تأثير فينيقيّ قويّ. تتابع العناصر الثقافية الشرقية حضورها في أكثر الجوانب تنوعاً: 

أ. الدين 

1. إلاهة باثا، رغم شبهها بنماذج يونانية وإيطالية جنوبية، ففي الغالب، هي تمثل الإلاهة الفينيقية تانيت، كما تشتير الحمامة المرافقة لها. هي ذات الإلاهة على قرط فينيقيّ من موقع سانتياغو دي لا إسبادا (بمدينة خاين)، كذلك، ربما هي ذات صلة بسيّدة إلتشي، التي تعود لذات التاريخ، إضافة لتماثيل أخرى. 

2. تعويذات فينيقيّة، تزين صدر سيّدات إلتشي وباثا.

سيِّدة باثا في مكانها الأصليّ، لحظة إكتشافها، بجانب الجدار الشماليّ، توجد قطع أثرية أخرى ذات صلة بتجهيزات الموتى التي تُدفَن معهم

بحسب خ. كامون أثنار، أكاديمي فنون جميلة، وفي مقال له منشور بجريدة أ ب ثي، قال:

"إلاهة باثا، إلاهة أمّ ومُخصِّبة، لديها ميزة فينيقية قرطاجية واضحة، حيث جرى الخلط بين القرطاجيين والسكان الإيبيريين. هذا ما يمكننا تسميته أوّل توحيد لإسبانيا، في ظلّ حضور شعب غازي، توحيد بمزايا فنيّة، حيث تشكل إلاهة باثا المثال الأهمّ على هذا الصعيد. إنها المنحوتة الأهمّ ضمن الثقافات المحلية في الغرب الأوروبيّ قبل الغزو الروماني".

2.1.4 فينيقيُّون في غاليرا

موقع بلدة غاليرا في الداخل الغرناطيّ

منحوتة لسجادة جدارية فينيقية من غاليرا – غرناطة

تمتعت الأقمشة الفينيقية بسمعة حسنة قديماً، نجد صدى هذا الأمر في الكتاب المقدس (سفر حزقيال، 27) ولدى المؤلفين التقليديين إعتباراً من الإليادة (الجزء الرابع، 289-294).

 رغم هذا، لم يُهتم كثيراً، خلال السنوات الأخيرة، بالنطاق الحرفيّ الفينيقيّ القرطاجيّ الغنيّ رغم تطور البحث الأثريّ الفينيقيّ مؤخراً. يمكن تفسير هذا الأمر بندرة القطع الأثرية من هذا النوع التي تجذب الباحثين وتسمح بتقدير المعلومات الهامة المتوفرة في المصادر الكتابية.

هذا ما دفعنا إلى دراسة منحوتة السجادة الجدارية الفينيقية، التي عُثِرَ عليها منذ 100 عام تقريباً، وقد مرّت على الباحثين رغم أهميتها في هذا الحقل الدراسيّ.

هي عبارة عن سجادة جدارية مرسومة على أرضيّة القبر رقم 2 من المنطقة الأولى بمقبرة توتوجي، الواقع ببلدة غاليرا، قضاء غرناطة، والتي تعتبر من أكثر المقابر الإيبيرية القديمة غنى بمحتوياتها الأثرية.

الحديث عن أوّل توثيق فنّي لسجادة جدارية فينيقيّة من خلال رسمه على أرضيّة القبر.

يوفر هذا الرسم الفني جميع المزايا لسجادة جدارية فينيقية حقيقية، لها عمق بلون أحمر، ربما قريب إلى اللون القرمزي البنفسجي الشهير المرتبط بالفينيقيين، تبرز ستة صفوف بأربع أزهار نيلوفر، أي هناك 24 زهرة نيلوفر.

هناك ألوان الأبيض والأسود والأصفر مما يعكس تنوع الألوان القائم بأيّ سجادة عادةً، سيما السجادات الشرقية الشهيرة.

على إعتبار أنّ الألوان صعبة الحفظ، فمن غير الممكن تحليلها لمعرفة تركيبتها الكيميائية، لكن، يمكن التخمين بأنّ اللون الأبيض يعود إلى لون الصوف الطبيعيّ؛ أما اللون الأحمر فربما هو اللون الفينيقي الشهير البنفسجي؛ اللون الأصفر من الزعفران واللون الأسود من صوف أسود طبيعي.

كذلك، يصعب تعيين عمر هذه القطعة الفنية. علماً أنّه يمكن تقدير عمرها ربطاً بمحتويات اخرى في القبر، بحيث يعود إلى النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد، وبأبعد تقدير حدود القرن السادس قبل الميلاد.

توفر منحوتة السجادة الجدارية الفينيقية معلومات قيِّمة حول العالم الحرفيّ القماشي النسيجي الفينيقي، الذي لا نمتلك الكثير من المعلومات حوله، رغم شهرتهم المتوسطية الواسعة قديماً على هذا الصعيد.

فعلياً، تسدُّ هذه السجادة الجدارية الفينيقيّة ثغرات مُشار إليها تكراراً من قبل الباحثين المهتمين بهذا الموضوع. رغم حضور توثيق كبير حول الأنسجة في الشرق، سيما في مصر، فكما أشار هاردن، ليس لدينا الكثير من المعلومات حول مصنوعات نسيجية فينيقية.

كذلك، لا يتحدث الباحث الإيطالي الشهير موسكاتي حول الأقمشة لدى حديثه عن أدلة أثرية فينيقيّة، ولا يُشير إلى فنون حرفية قماشية فينيقية هامة. في وقت لاحق، يستخلص ماركوي، إثر تكريسه وقتاً طويلاً ببحث الأقمشة الفينيقيّة المذكورة في المصادر القديمة المكتوبة، بأنّه من المحزن عدم وصول عينات من تلك الأقمشة المميزة التي إشتغلها الفينيقيُّون.

قدَّمَ هاردن (1962) تحليلاً مقتضباً هاماً حول اللباس الفينيقيّ مُعتبراً بأنهم قد إستخدموا منتجات محلية بأرضهم لصنع الأنسجة، إضافة إلى مواد مستوردة من مصر، مثل القطن والكتان، وكذلك، الصوف من أعالي الرافدين (العراق القديم).

تحدث هوميروس حول ألبسة الصيدونيين المميزة، هناك إشارات في الكتاب المقدس حولها.

بالنتيجة، يمكن إعتبار "منحوتة السجادة الجدارية من غاليرا" أحد أهمّ الشواهد الواصلة إلينا عن العمل الحرفيّ المميز المرتبط بالأنسجة الفينيقيّة.  

تمثل سيِّدة غاليرا الإلاهة الفينيقية عشتار أو عشتروت، إلاهة الطبيعة والخصوبة والإنبثاق الفصليّ، بالتالي، ترتبط بالعبادات الفينيقيّة والقدرة على التجدُّد. ترتبط تلك القدرة بطقس ديني ذو صلة بإراقة السوائل، سيما الزيوت المعطرة، التي وضعت في إناء صغير على رأس الإلاهة.

تسيل تلك الزيوت داخل جسدها لتخرج من ثدييها وتنصب في إناء آخر (أنظر إلى التمثال أعلاه)، فتكتسب قدرات محققة للخلود والتجدُّد لدى إستعمالها في الدهون بسياق تنفيذ طقوس مقدسة معينة.

عثروا على السيِّدة في أحد قبور مقبرة توتوجي، إلى جانب تجهيزات جنائزية أخرى، يعود تمثالها إلى النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد.

توحي الأدوات واللقى الأثرية الموجودة في القبر بإستعمال ذات القبر من قبل أجيال عديدة متعاقبة، منذ القرن الثامن قبل الميلاد وصولاً إلى القرن الخامس قبل الميلاد. ربما يعود القبر لحاكم أو مؤسس بلدة توتوجي.

يعكس تمثال سيّدة غاليرا، أو تمثال الإلاهة عشتروت الفينيقيّة، ذروة التأثير الثقافي الفينيقيّ في الجماعات الإيبيرية المحلية، التي تبنت هذه الألوهة بإعتبارها ألوهتها الخاصة.

3.1.4 فينيقيُّون في ثيرُّو دي لوس إنفانتيس (بينوس بوينتي، غرناطة)

موقع بينوس بوينتي داخل منطقة غرناطة

سكنت جماعات كثيرة ما قبل تاريخية في منطقة بينوس بوينتي قبل الغزو الروماني. كما هو الحال مع جماعات إيبيرية، جماعات متوطنة قد إرتبطت بعلاقات مع الفينيقيين إثر وصولهم إلى السواحل المالاغينية (مدينة مالاغا) والغرناطية. هناك الكثير من القطع الأثرية الفينيقية، سيما خزفيات وآنية متنوعة وجرار وكؤوس، مما يثبت حصور تبادل وإندماج للجماعة الفينيقيّة حتّى.

في الجزء الثالث من هذه السلسلة، هناك صورة لفرن فينيقيّ لشوي الطين وتصنيع الحزف بموقع ثيرُّو دي لوس إنفانتيس، بينوس بوينتي، غرناطة. حيث جرى تصنيع الجرار الفينيقيّة، إضافة إلى أنواع خزفية أخرى، تعود إلى القرنين السابع والسادس قبل الميلاد

قطع أثرية خزفية فينيقيّة من موقع ثيرُّو دي لوس إنفانتيس

قطع خزف فينيقية ملونة كبقايا إناء، عثروا عليها بالقرب من الفرن (خوان أ. باتشون)

اليوم، نعرف بأنّ المناطق الساحلية المتوسطية ذات الحضور الفينيقيّ، قد صنَّعَت منتجات بإستعمال الطين الرماديّ، وفي الغالب، قد توجهت نحو السوق الداخليّ بشبه الجزيرة الإيبيرية، كما تثبت مصانع خزف بمنطقة تورّي ديل مار، أي إنتاج خزفيّ فينيقيّ قرطاجيّ على الساحل المالاغينيّ بمنطقة بيليث خلال الفترة الممتدة بين القرنين الثامن والخامس قبل الميلاد. لهذا، يُعتبر تحليل الخزفيات الفينيقيّة المستعادة من المناطق الداخلية امراً مهماً بتحديد هويّة هذه الخزفيات، محلية أو مستوردة، أصل مراكز التصنيع وطبيعة المواد المستعملة بالتصنيع ومصدرها، وبالنهاية، القيمة الأصلية للتبادلات التجارية خلال الحقبة الأقدم للإستيطان الفينيقيّ والجماعات المتوطنة.  

يتبع

المصادر

- El bronce final y la protocolonización en la Península Ibérica. MEMORIA PARA OPTAR AL GRADO DE DOCTOR PRESENTADA POR Juan Luis Gomá Rodríguez. DIRECTORES Martín Almagro Gorbea, Mariano Torres Ortiz. Madrid, 2018

- Del colonialismo y otros demonios: fenicios en el sur peninsular entre los siglos IX y VII/VI a.C. Beatriz Marín Aguilera, Departamento de Prehistoria, Universidad Complutense de Madrid

- LA DAMA DE BAZA, FRANCISCO PRESEDO VELO, MADRID, 1 9 7 3, MUSEO ARQUEOLOGICO NACIONAL

- LA DAMA DE BAZA, HEMEROGRAFÍA, Alicia Elena Lacuesta Contreras

- EL DESARROLLO DE LAS COMPETENCIAS SOCIALES Y CÍVICAS EN CIENCIAS SOCIALES: ITINERARIO DIDÁCTICO POR LOS RESTOS FENICIOS DE ALMUÑECAR (GRANADA) - Ulises Najarro Martín1; Juan Carlos Maroto Martos

- UN TAPIZ FENICIO EN GALERA (GRANADA, ESPAÑA). TAPICES Y TEJIDOS HISPANO-FENICIOS. A PHOENICIAN TAPESTRY IN GALERA (GRANADA, SPAIN). HISPANO-PHOENICIAN TAPESTRIES AND FABRICS. MARTÍN ALMAGRO-GORBEA - Real Academia de la Historia

- El poder sacro, Dama de Galera, Texto original: Ignacio Prieto, junio de 2015 (revisado en mayo de 2020). Adaptación del texto: Dori Fernández (Departamento de Difusión). Museo Arqueológico Nacional, Madrid

- https://www.coralarmiz.com/Motril/datos_historicos.htm

- SELAMBINA, Salobreña (Granada) - ANTONIO RUIZ FERNÁNDEZ

https://arqueologiadesks.com/2019/11/25/selambina-salobrena-granada/

- https://www.man.es/man/coleccion/catalogo-cronologico/protohistoria/dama-baza.html 

- https://cardenalbelluga.es/milenio1/fenicios.html 

- Panorama general de la presencia fenicia y púnica en España, José María Blázquez Martínez

مواضيع أخرى ذات صلة

 (1) فينيقيُّون في غرناطة – فينيقيُّون غرناطيُّون

(2) فينيقيُّون في غرناطة – فينيقيُّون غرناطيُّون

(3) فينيقيُّون في غرناطة – فينيقيُّون غرناطيُّون

No comments:

Post a Comment