Thursday, September 18, 2025

The Atheist Encyclopedia الموسوعة الإلحادية (11)

 

3. المُلحدون والموت 

1.3 ما الذي يحصل بعد موت أفراد البشر؟

هو سؤال تقليدي، قد تعرّض كثيرون له، بلحظة ما بحيواتهم، وقد شغل البشريّة منذ بدايات ظهورها. 

يحضر الموت في العقائد الدينية بقوّة، حيث توفّر تلك العقائد للمؤمن أجوبة ما. 

كذلك، لا يمكن للفلاسفة تجاهل هذا السؤال، وأيضاً، يحاول العلماء البحث عن تفسيرات مُقنعة. 

إنها مهمة شاقّة لا شكّ. 

حيث يمكن التكهُّن والتخيُّل بناءاً على معارفنا المتوفرة.

سنتخيل البدائل الممكنة بخصوص هذه القضيّة، كالتالي:

البديل الماديّ

كيف تتحلّل المادة الحيّة؟

أول شيء والأكثر بداهة وبساطة، لا يوجد بعد الموت أيّ شيء. 

تتوقف الآلة الحيوية للفرد عن العمل، يتحلّل ببطء، حتى أنّ جزءاً من بقايا جسده تصلح كطعام لكائنات حيّة أخرى (ديدان، بكتريا، ... الخ)، وبجزء منها، تتحول لمواد ترابية أخرى، فيما لو يتم دفن الفرد، أو يتحول لرماد وغازات فيما لو يُحرق الفرد، ما يعني تحول المادة الحيوية لنوع مادة أرضيّة أخرى. 

يحصل هذا مع كل أنواع جثث الكائنات الحيّة، وبهذا، يحدث إكمال مبدأ تدوير المادة ضمن الأنظمة البيئية.

يبقى النوع الحيّ على قيد الحياة .. تبقى الجينات على قيد الحياة .. تبقى الحياة قيد الإستمرار. 

أي نعيش سويّاً؛ ونموت فُرادى.

الأفكار، المنظومات الفكرية، الذكاء، أي ما ينطوي على أيّ نشاط دماغيّ يُولّدْ مع الدماغ العامل، كلها تموت بموت الدماغ، لن تتواجد. 

وسيشكّل هذا رؤية "ماديّة" للموضوع. 

كذلك، ستموت "روح" الإنسان بموت جسده، فهي مُنتج من جسمه الماديّ عندما يبدو في حالة العمل. 

لذلك، شكّل التكاثر الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة، وهي التي تحقق إدامة النوع الحيّ بزمن ملموس، والذي يُصاغ بالتطور.

إنها إستراتيجيّة حياة، تتبعها كائنات حيّة حقيقيّة النوى لا بكتيريّة، تتمتع بامتلاكها للتكاثر الجنسيّ، تموت الخلايا والكائنات الأفراد؛ فيما يبقى النوع الحيّ على قيد الحياة عبر الزمن وبالتضحية بأفراده، وبمرور الزمن، تتغيّر الانواع الحيّة، تتطور وتستمر الحياة بصيغة أو بأخرى. 

وفي الواقع ما يدوم، هو المُورِّثات (الجينات) وجزيئاتها من الأحماض النووية. 

المُورِّثات في الكائنات الحيّة هي محفظة المعلومة الحيويّة، والتي تتراكم بطول التطور، وبهذا، تشكّل كل مرّة كائنات أكثر تعقيد وتملك معلومة أكثر، الامر الذي يجعلها ذاتيّة الإكتفاء ومستقلّة عن البيئة أكثر، هكذا هي الثدييات بالعموم، وحال النوع البشريّ على وجه الخصوص.

إستراتيجيّة البكتيريا

تتشكّل، بأحيان أخرى، كائنات حيّة بسيطة وتعيش بكل مكان، لا تحتاج إلى درجة عالية من المعلومة الوراثيّة (الجينيّة)، لكنها مجهّزة خصيصاً لمقاومة أيّ تغيّر بيئيّ، وخصوصا بسبب تكاثرها السريع، والذي يعطي الكثير من المتحدرين:

 إنها البكتريا. في هذه البكتريا، والتي تتكاثر كما هو معتاد بالانقسام اللاجنسيّ، فيما لو يمكن الحديث عن استمرار الأفراد بمرور الأجيال، فلا يحدث بصورة مضبوطة.

 بحيث أن البكتريا ليست نسخاً مضبوطةً من بعضها البعض، لوجود تنوّع جينيّ قادم من عدّة أسباب، أهمها:

 الطفرات، أو من خلال فيروسات ونوع من التكاثر الجنسيّ الذي يطبقونه أحياناً وهو الإقتران البكتيريّ.

لماذا تموت الخلايا؟

لماذا لا تتمتع الخلايا بالخلود، وبالتالي، لا تموت؟ 

توجد مجموعة من الأسباب التي تُنهي حياة الخلايا. 

ففي المقام الأوّل، عندما تتكاثر الخلايا، ستقصر نهايات القُسيمات الطرفية، وهذا سيجعل الخلايا تمتلك عدد محدود من الانقسامات الفتيليّة أو المُساوية. 

وفق هذه الصيغة، نحصل على ذريّة خليويّة محددة ذات عمر يقدّر بأيّام معدودة. وهذا لا يحدث في الخلايا السرطانيّة فقط!

من جانب آخر، المردود الطاقيّ العالي الذي تحصل الخلايا عليه من التنفّس بحضور الأوكسجين له ثمن؛ ففي بداية ظهور الحياة، عاشت الخلايا ببيئات فقيرة جداً بالأوكسجين، في غلاف جوّي منخفض التأكسد بتعبير أفضل. 

وعندما ظهر التمثيل الضوئيّ الأوكسجينيّ خلال عمليّة التطور الحيويّ، حصل إغناء للغلاف الجوي والمياه بشكل متدرج بالأوكسجين، حتى نتج غلاف جوّي متأكسد شبيه بالغلاف الجوي الراهن. إضافة لأنّ الاوكسجين، قد شكّل طبقة من الأوزون في طبقة الستراتوسفير، تقوم بمنع مرور الإشعاعات الفوق بنفسجيّة ذات الموجة القصيرة والمُعادية بعنف للخلايا. 

سمح هذا الحدث الخطير بانتشار الحياة، وبوقت لاحق، غزو الوسط القاريّ الأرضيّ، خصوصا من قبل جزء من الخلايا حقيقيّة النوى أي الخلايا الغير بكتيريّة.

بالبداية، لم تمتلك الخلايا دفاعات مضادة للأوكسجين في البيئة، وهو شديد التفاعل وقد توجّب على كثير من تلك الخلايا الخضوع للواقع.

 لكن، الحياة عنيدة ومستمرّة وتعلمت تلك الخلايا حماية نفسها بمواجهة هذا العدوّ سريعاً، حيث ظهرت على سبيل المثال، أنزيمات تمكنت من تحييده، ولكن لم تتعلم فقط حماية نفسها منه، بل تعملت استخدامه لمصلحتها، فابتكرت التنفّس بحضور الأوكسجين أو ما يُعرف باسم التنفّس الهوائيّ. 

نُفِّذَ هذا الابتكار في عضيات مناسبة اسمها المُتقدرات (الميتوكندريون)، والتي هي بالاساس عبارة عن بكتريا تعايش ضمنيّ قديمة (شيء شبيه بتعايش داخلي). 

ولكن كما قلنا سابقاً، هذا الابتكار له ثمن، حيث تنتج جذور أوكسجين، الجذور الحرّة والمتفاعلة بقوّة، وتنتهي بتحقيق الأذيّة لبُنى حيوية بالخلايا، كالغشاء البلازميّ.

 يمكن تأخير هذا التلف باتباع حمية غذائيّة "صحيّة" كالنموذج المتوسطيّ الغذائيّ، وكذلك، مع استهلاك فيتامينات واقية من الأكسدة مثل الفيتامين إي.

إضافة لأخطاء جينية متراكمة، في الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين (دي إن إي) خلال عمليّة التضاعف وبفعل عوامل خارجيّة عدوانيّة بشكل يقلّ أو يكبر (الطفرات)، يمكنها أن تساهم بموت الخليّة. 

وبهذا رأينا، أعلاه، بضع أسباب رئيسيّة في عملية الشيخوخة الخليوية وموتها.

يتبع

تنويه: مصادر الموسوعة كاملة في الجزء الأوّل

للإطلاع على باقي الأجزاء

الموسوعة الإلحادية (1) إعداد: أحمد فاسم الحاج إبراهيم - مُقدِّمة

الموسوعة الإلحادية (2) متابعة المُقدِّمة

الموسوعة الإلحادية (3) تعريف الإلحاد

الموسوعة الإلحادية (4) متابعة تعريف الإلحاد

الموسوعة الإلحادية (5) متابعة تعريف الإلحاد

الموسوعة الإلحادية (6) ما يقوم الإلحاد به + شبح الإلحاد

الموسوعة الإلحادية (7) ذهنية المُلحِد + الوصايا الإلحادية العشر

الموسوعة الإلحادية (8) لماذا يتحدث المُلحِد كثيراً حول الأديان والآلهة

الموسوعة الإلحادية (9) الإلحاد وتاريخ من الكفاح الطويل

الموسوعة الإلحادية (10) قصّة جديرة بالتذكُّر

No comments: