Friday, September 19, 2025

Lucian of Samosata لوقيان السميساطيّ (8)

 

13 

في الواقع، لا يُقبَلُ أيٍّ من تلك الأشياء، إلا من قبل أحمق يمكنه الإستمتاع بالمدائح المبنية على الأوهام لا الوقائع؛ بالطبع، يوجد أشخاص بشعون – سيما بين النساء – فيطلبون من فنّانين رسمهم بجمال ليس متوفراً لديهم؛ يظنون بأنّ قيام الرسّام بهذا الأمر سيُغيِّرُ منه شيئاً إن زاد من حجم الزينة على الرسم. 

هنا، طامة المؤرخين الكبرى، تهمهم اللحظة العابرة، المصلحة الشخصية، الكسب الممكن تحصيله من أعمالهم؛ لعنة خوائهم – في الحاضر المدائح الخرقاء وفي المستقبل العار الذي ستجلبه مبالغاتهم على التاريخ بالعموم. 

إن يأخذ أيّ شخص شيئاً مما هو مقبول بوصفه حاجة مُطلقة، دعه يفرح بغض النظر عن جماليات الشكل؛ فهذا مقبول وليس مزيفاً؛ لكن، الآن، يُهمَلُ هذا عادة، لكي يفرضوا شيئاً غير مهم علينا.

14 

بالإنطلاق من هذه النقطة، أرغبُ بتسجيل بعض ما في الذاكرة حول التأريخات الأيونية المدعومة، على ما أرى، بتشابهات جزئية يونانية حديثة، وتتطرق جميعها إلى الحرب المُشار لها سابقاً. 

يمكنك الوثوق بتقريري هذا، توجهني الفضيلة لكتابته؛ أقسمُ بأنّ فيه هو ما قد جرى في الواقع،  وإن تقتضي اللباقة بكتابة قسمي هذا فأكتبه على ورق.

 بدأ أحد الكتاب (المؤرخين) بالتضرُّع لبنات زيوس التسعة لكي يساعدنه.

 أيّة طلاوة هذه! كم هو مناسب للروح التاريخانية! يا له من أسلوب مناسب!

 ما إن بدأ بالكتابة، حتى قارن حاكمنا بالبطل الأسطوري آخيل، والملك البارثي ببطل حصار طروادة الجندي تيريستيس؛ لقد نسي بأنّ آخيل لربما قد فعل فعلاً أفضل، فيما لو هزم هيكتور عوضاً من تيريستيس، لو حضر رجل شجاع لم يفرّ من أمامه. 

بعد ذلك، قال شيئاً جميلاً بحق نفسه، بإعتباره مؤرِّخاً لمثل تلك الإنجازات العظيمة. لحظة البدء، تحدث عن مسقط رأسه في ميليتوس، متحدثاً عن قيامه بتحسين لطروحات هوميروس، الذي لم يُشر أبداً إلى مسقط رأسه.

 إختتم كلامه بإلتزامه الواضح بالحرب ضد البرابرة، فإستخدم الكلمات التالية: 

"إنَّ الملك الشنيع فولوغيسوس فاقد للشرف، هو يستحق الموت بأبشع طريقة، لهذا، قد نشبت الحرب". 

15 

يُحاكي شخص آخر أسلوب المؤرّخ ثوقيديدس مُقترباً من نموذجه ليبدأ نموذجه بإسمه الخاص – واللطيف في بداياته هو التطرُّق للزعتر اليوناني الفوّاح!

 إقرأ هذا:

 "كتب المؤرخ الروماني كريبريوس كالبورنيانوس من بومبيوبوليس (سامسون التركية اليوم) قصّة الحرب بين بارثيا وروما، وكيف جرت الحرب بينهما منذ بدايتها". 

بعد المقدمة، أيّة حاجة لوصف الباقي – ما معنى حديثه عن أرمينيا وإحياء صديقنا القديم المبعوث الكوركيري – وأيّة آفة قد ضربت نصيبين (التي لم تتبنَّ القضية الرومانية)، فينسخ الرواية كاملة من ثوقيديدس – بإستثناء مناطق في أثينا والجوار، حيث تأمَّنَ ملجأ للمصابين بالآفة السابقة؛ هناك، ينتهي الإختلاف؛ كالآفة الأخرى، "التي بدأت بإثيوبيا ونزلت إلى مصر"، وبقي القسم الأكبر من الإمبراطورية البارثية على حاله.

 تركته يغوص في دفن الأثينيين الفقراء في نصيبين، وعرفتُ تماماً كيف سيتابع إثر خروجي. علاوة على هذا، من الشائع جداً، الآن، محاكاة ما فعله ثوقيديدس، فقط بإستخدام تعبيره الشهير "تغيير ما وجب تغييره".

آه، نسيتُ ذكر شيء: 

يعطي هذا المؤرّخ تسميات كثيرة للأسلحة والتجهيزات العسكرية باللاتينية – فوسا للخندق، بونس للجسر، وهكذا دواليك. 

مجرد التفكير بجلال التاريخ، وبأسلوب ثوقيديدس – تطريز اليونانية بتلك الكلمات اللاتينية، كتطريز رداء بشرائط أرجوانية اللون – أيُّ إنسجام هذا!! 

16 

يضع آخر قائمة جافة بحوادث مُضجرة وعمومية كيوميات شخص عادي أو نجّار أو مُموِّن الجيش. 

مع ذلك، هناك معنى أهمّ في عمل هذا الشخص المسكين؛ هو يضع بصماته منذ البدء؛ فقد مهَّدَ الدرب أمام شخص مثقف يعرف كيف يتعامل مع التاريخ.

 الخطأ الوحيد الذي يمكنني العثور عليه لديه هو أنه يُدوِّن كتبه بإجلال لا يتناسب مع محتوياتها – "التاريخ البارثي، تأليف كاليمورفوس، طبيب الجنود الستة، وسواه وسواه". 

كذلك، هناك مقدمة مؤسفة، تنتهي بملاحظة تعتبر بأنّه بما أنّ أسقيلبيوس هو إبن أبولو، وأبولو راعي الموسيقيين والثقافة، فمن المناسب جداً أن يكتب طبيب التاريخ. 

كذلك، يبدأ بالأيونية، لكن، على نحو سريع، ولسبب غير واضح، يتركها ليكتب بالدارجة اليونانية، رغم إحتفاظه ببعض الكلمات الأيونية، لكن، يكتب كما تكتب العامة – أي على نحو عادي جداً حتّى.

يتبع

المصدر

The Way to Write History - The Works of Lucian of Samosata. Translated by Fowler, H W and F G. Oxford: The Clarendon Press. 1905

مواضيع ذات صلة

لوقيان السميساطيّ (1)

لوقيان السميساطيّ (2)

لوقيان السميساطيّ (3)

لوقيان السميساطيّ (4) 

لوقيان السميساطيّ (5)

لوقيان السميساطيّ (6)

لوقيان السميساطيّ (7)

No comments: