Wednesday, August 13, 2025

Lucian of Samosata لوقيان السميساطيّ (2)

لماذا نقرأ لوقيان السميساطي؟

في المقام الأوّل، لوقيان دنيويّ، إنسان من هذا العالم، فلم ينخرط في التكهنات الماورائيّة أو في الأنشطة الأكاديمية المحضة.

في المقام الثاني، لوقيان بعيد كلّ البعد عن الدوغمائيّة، ففي الواقع، تمثل أعماله رفضاً للدوغمائيّة. كما نقول اليوم، فقد إفتخر لوقيان بكونه "واقعياً". فعندما مارس فنّ الخطابة في أنحاء الإمبراطورية الرومانية، قدَّمَ لوقيان أعماله لأكبر شريحة شعبية ممكنة لا لنخبة معدودة على الأصابع محاولاً الإقناع بالحجج. تناغم لوقيان مع محيطه دوماً، فنظر إلى المجتمع وفق موقف عمليّ، لكن، ساخر.

في المقام الثالث، تمتع لوقيان بروح ساخرة هائلة وفريدة من نوعها:

فهجا الجميع، من الفلاسفة السكارى إلى الباحثين عن الشهرة وصولاً للآلهة ذاتها. كتب لوقيان لناس ليس لديها مقدسات. تتناول كتاباته جميع جوانب العالم المُعاش (لكن، بشكل مختلف).

في المقام الرابع، لوقيان واسع الإطلاع والمعرفة، حيث تلقى تعليمه وفق مباديء زمنه:

 تمتليء أعمال لوقيان بالإشارات إلى جميع أنواع الشخصيات من زيوس إلى، على سبيل المثال لا الحصر، براسيداس وهو قائد عسكري إسبارطي مشارك بحرب البيلوبونيز. تتنافس شخصيات هامة ووضيعة، خيالية وواقعية، على جذب إنتباه قاريء كتبه. بالنسبة لأيّ شخص ذو تعليم كلاسيكي متواضع، سيجد في كتابات لوقيان خير معين لتعميق معرفته الكلاسيكية والإحساس بمتعة حقيقية لدى قرائتها. حيث يمكن العثور على أفضل مواقف الكُتّاب الكلاسيكيين وأشهرها في كتاباته.

في المقام الخامس، أثنى لوقيان على الحس العام وعلى الحياة العقلانية:

رغم حضور الضحك الهائل، يندهش قاريء لوقيان من موقفه الاخلاقي في القضايا الهامة المتجاوزة لمئات السنين. ففي أغلب الأحيان، يدعو إلى تطبيق الحسّ العام الكامن فينا جميعاً. يستعمل لوقيان سخريته كوسيلة لإختراق الضباب والوهم والعثور على الدرب المتميز بالعمليّة والمنطقيّة أكثر.

في المقام السادس، لوقيان متشكك وحاول تبديد التفكير المُبهَم: فقد علَّمنا لوقيان الإنتباه إلى ما وراء المظاهر لرؤية الواقع المتجلي. في غموض واقعنا الحالي، تسهل رؤية كيف يمكن أن تصبح الأكاذيب حقيقة والعكس بالعكس. بالتأكيد، على خُطى مينيبوس، رغب لوقيان بلفت إنتباهنا إلى أن تصوراتنا وأفكارنا المسبقة عن الأشياء والأشخاص والأحداث ليست كما تبدو دوماً. رغب مينيبوس (مكرراً كلام ديوجين) بقول أننا نعيش في حالة مشوشة أو ضبابية (حالة غموض). غالباً، لا نستطيع رؤية الصورة الكاملة ونصدر أحكامنا بناءاً على معلومات جزئية. تحدانا لوقيان بأن نتمكن من رؤية العالم بشكل صحيح وألا ننشغل بالمؤامرات والأكاذيب والتشويش.

في المقام السابع، تسجل كتابات لوقيان جوانب من العالم الكلاسيكي، كانت ستضيع لولاها:

 إن نطاق إهتماماته وجودة المحتوى الذي تركه مذهلان. فهو أول من أشار إلى المسيحيين؛ ويذكر لوقيان نصوصاً قد ضاعت في غياهب التاريخ؛ وكتب لوقيان عن ممارسات ومعتقدات لا مثيل لها أو أعمق مما نجده في المصادر الأخرى؛ وكتب لوقيان عن تاريخ وقصص بديلة تختلف عن تلك التقليدية؛ يمنحنا لوقيان فهماً أعمق للديانة والممارسات الوثنية؛ يقدم لوقيان نظرة ممتازة للفلسفة الكلاسيكية دون الخوض في النقاشات الفعلية والأدلة والمسلمات.

في المقام الثامن والأخير، متعة القراءة، فبعيداً عن الجوانب النقدية والفكرية، فإن قراءة أعمال لوقيان ممتعة. ففي الغالب، نجد رواياته مسلية ومليئة بالمغامرات والشخصيات الغريبة والأحداث الخيالية. إنه يتعامل مع السخرية والعبثية ببراعة، مما يجعل قراءة أعماله مسلية ومحفزة.

يتبع

المصادر

The Lucian of Samosata Project

مواضيع ذات صلة

لوقيان السميساطيّ (1) 

No comments:

Post a Comment