10. العدالة
العدالة أمر هام، لكن، لا يجب أن يغيب عنا أنها إبتكار الكائن البشريّ. لا
توجد عدالة في الطبيعة. بالتالي، هي شيء لا وجود له إلا في عقلنا، ولا يمكن أن
يشكل شيئاً جوهرياً أو أساسياً.
للعدالة حدودها.
بهذا المعنى، هي كالشوكولا:
رائعة بجرعات قليلة.
بجرعات كبيرة، تسبب ألماً معدياً.
فعالم منظم للغاية، هو عالم مفتقد للعفوية والتلقائية.
عندما نحاول تحقيق عدالة في علاقاتنا، يصيبنا الإحباط، لأن ما هو عدالة
بالنسبة لي قد لا يبدو هكذا بالنسبة لك.
أيّ تعقيد هذا!
العدالة هي وسيلة لتحقيق غاية هي السعادة.
لا العكس من هذا.
بكلمات أخرى:
العدالة بمرتبة أقلّ من مرتبة السعادة.
عندما تحجب العدالة سعادتي، فمن الأفضل عدم حضورها.
في جميع الحوادث المألوفة التي نشير إليها، يمكن تحقيق العدالة بوسائل
أخرى.
هناك بدائل.
تتمكن المودة والرغبة في التعاون والتسلية والتعلُّم من صياغة سلوك الآخرين
بشكل أفضل من تطبيق أنظمة قضائية كالعقاب والثواب.
كذلك، كل ما نعلنه، من رفاهية وإحترام وإعتبار، لا يملك كل تلك الأهمية كما
نعتقد.
هناك أشياء نتعاطى معها بغباء وهي بالغة الأهمية، من قبيل:
التناغم والسلام الداخلي، وبشكل قاطع، الصحة العقلية القيِّمة.
11. ضرورة العمل
يخلق عالم العمل، على نحو خاص، ذاك الإحتياج غير المعقول، الذي يجعلنا
نعتقد بأننا ذوي فعالية كبرى.
بالإضافة لذلك، وعلى نحو خاطيء، نفكر بأن عملنا هام جداً، وهذا ليس صحيحاً
ببساطة. بل ليس مهماً حتى بالنسبة لنا.
يشكل التفكير بأن العمل أمر أساسيّ – لأننا نحتاجه لكي نعيش أو لأنه ذو
أهمية إجتماعية:
الطريق الأقصر نحو التوتُّر، لأن هذا الاعتقاد يُضيف، على نحو مصطنع، ضغطاً
يدمر كل إمكانية للإستمتاع به.
يعمل الأشخاص العقلانيون لأجل التسلي والتمتُّع فقط، والتوتر غير موجود
لديهم تقريباً.
ويحققون هذا الأمر لأنهم يتبنون إعتقاداً عقلانياً يعتبر العمل – أيّ عمل –
لا يملك الكثير من الأهمية.
لا يحتاجونه.
ببساطة، هو مصدر للابتهاج والرضى.
إن لا نفقد الخوف كليا من الصرف من العمل:
فلن نصبح أحراراً أبداً لأجل
الإستمتاع به.
تُجبرُ بعض الشركات عمالها على العمل بإيقاع مرتفع زيادة.
ويجب أن نقول "لا" لهذه الشركات.
فلا معنى للعمل في شروط غير إنسانية!
لنتذكر بأننا لسنا بحاجة إلى هذا العمل.
يعمل الشخص العقلاني على إيقاع مناسب، لكي يستمتع.
في حال عدم سرور الشركة بهذا الأمر، في النهاية، يجب قبول قرارها
بالإستغناء عن خدماتنا.
لكن، يجب القول بأنه، عملياً، وفي كثير من الأحوال، أولئك الذين يغيرون
طريقة عملهم هكذا، يصبحون الأكثر تقديراً في شركاتهم.
ربما مردوديتهم ليست عالية مثل أشخاص آخرين، لكن، نوعية عملهم وإيجابيتهم
أهم مما لدى الآخرين.
لنفكر بأن الشركات تحتاج لأشخاص سعداء ومتحمسين كذلك.
كمثال، نجد حالة الموسيقي العالمي موزارت.
يمكن أن نتساءل:
"هل وصل موزارت ليصبح مؤلفا
موسيقيا وعازفاً للبيانو عالمياً بالإكراه أو بالإستمتاع بالموسيقى؟".
الجواب الواضح على هذا السؤال هو أن موزارت قد أصبح عبقرياً، لأنه استمتع
كثيراً بعزفه على البيانو.
من المؤكد أنه خلال فترة طفولته، قد عزف كثيراً مثله مثل الطفل الذي يلعب
بالكرة طوال الوقت. مع ذلك، لن يتخطى التعليم أو العمل تحت الإكراه القدرة
المتوسطة أبداً.
لأجل التوصُّل لفهم العمل كمصدر للمتعة لا للتوتُّر – للإحساس به على هذا
النحو – إحدى أهم التقنيات هي التخيُّل العقلاني الإنفعالي.
تقوم هذه التقنية على تخيل القيام
بعمل محدد بشكل سيء، بل سيء جداً، ورغم ذلك، يُحافَظ على الجانب الإنفعالي الحسي
الهاديء.
على سبيل المثال، في حال تقديمي لمحاضرة، يمكن أن أتخيل نفسي هناك على
المدرج وأنا عاجز عن الكلام لأنني نسيتُ ما وجب عليّ قوله.
سينزعج الحاضرون، يشتموني، وبالنهاية، يطردوني من المكان.
تتحول المحاضرة إلى نوع من الإخفاق
أو الفشل الذريع، ولن ينادونني أبداً لتقديم هذا النوع من النشاطات.
رغم كل هذا، يجب أن أتخيل نفسي خارجاً من هناك بروح متوازنة، وبمرور بضعة
ساعات، سعيداً وراضياً عن حياتي، لأنني أملك خيارات كثيرة لأعيش سعيداً.
يجب أن أتخيل نفسي منفذاً للنشاط على نحو سيء، لكن، أبقى سعيداً لإدراكي بأن هذه المهمة، أو هذا العمل، ليست مسألة أساسيّة لرفاهيتي أو لسعادتي.
يتبع
مواضيع ذات صلة
العلاج المعرفيّ (1) مقدمة ومصادر هذه السلسلة
العلاج المعرفيّ (2) في أصل الإنفعالات الحسيّة
العلاج المعرفيّ (3) الإستفظاع هو أمّ جميع الإضطرابات الإنفعالية
العلاج المعرفيّ (4) الرغبات والإحتياجات
العلاج المعرفيّ (5) الإنشغال الزائد وروتين النقاش المعرفيّ
العلاجُ المعرفيُّ (6) الملل والخجل وإتخاذ القرارات
العلاجُ المعرفيُّ (7) الصداقة وإطلاق الأحكام والشجار والتهدئة
No comments:
Post a Comment