في الواقع، يوجد الكثير من الإعتقادات الغير منطقية، عدد لانهائي، لأنّ هذه
الأفكار الكارثيّة عبارة عن إبتكارات، حيث لا حدود للخيال الذي يخلقها.
لكن، بمرور عدّة عقود من البحث، جرى تصنيفها إلى ثلاث مجموعات، فالاعتقادات الغير منطقية الأساسيّة لدى الكائن البشريّ، هي:
أ. وجوب تنفيذ الأشياء على أكمل وجه وأحسن صورة
ب. وجوب تعامل الناس بصورة حسنة وإحترام دوماً.
ت. وجوب تحقيق الأشياء المفضلّة لديّ.
نقول عن هذه الأفكار إعتقادات غير منطقية لأنها تُعتبر متطلبات طفوليّة،
"وجوبيّات" قاطعة غير مرنة ولا تتسم بالواقعية.
تشبه هذه الإعتقادات تمرد الطفل على أمه كي تشتري له شيء يحبه في المتجر:
"أريده! أريد هذا! أريده!".
مع ذلك، الإعتقادات المنطقية الموافقة أو المُقابلة، هي على الشكل التالي:
أ. يسرُّني القيام به على أكمل وجه، لكن، لا أحتاج لهذا الأمر كي أتمتع
بيومي.
ب. جميل أن يعاملني الجميع بصورة حسنة، لكن، يمكن أن أعيش يومي دون حدوثه.
ت. يسرُّني أن تحظى الأشياء بتفضيلي! لكن، لن يحدث هذا دوماً وأقبله على
علاته، حيث يمكن أن أبقى سعيداً رغم ذلك.
هنا، نواجه شخصاً ناضجاً لا يتطلب، بل يفضّل.
يُلاحَظْ بأنّ الحياة والآخرين ليسوا،
هنا، لإرضاء متطلبات خيالية.
لكن، هنا أيضاً، الأكثر أهمية، هو:
لا يحتاج لأيّ شيء من كل هذا ليبدو سعيداً!
عندما نضعف بمستوى إنفعاليّ، نغرق في المتطلبات.
عند عدم إكمال هذه المتطلبات:
نغضب، نكتئب أو نمتليء بالقلق، حيث نُحمِّلْ الآخرين، أو العالم، مسؤولية حدوث هذا، بل ما هو أسوأ، هو تحميل أنفسنا هذا الوزر.
3. الرغبات والإحتياجات
يجب الإنتباه إلى الفارق بين الرغبات والإحتياجات.
الرغبة عبارة عن شيء أحبّ تحقيقه،
لكن، لا أحتاجه.
حضور رغبات أمر مشروع شرط عدم تحويلها إلى إحتياجات مبالغ فيها.
مع ذلك، كأشخاص، يبدو أن لدينا
توجهاً قوياً لخلق إحتياجات خيالية إعتباراً من رغبات مشروعة.
الإحتياجات المخترعة سامّة بالتعريف، لأنها فيما لو تتحقق:
فأنت متعوس الحظّ.
وإن لم تتحقق:
ستصل إلى ذات النتيجة!
يعرف الشخص الناضج بأنّ الصيغة الوحيدة للاستمتاع
بالممتلكات في الحياة:
هي الإستعداد
لخسارتها.
وفي حال معاكس، التوتر الناشيء عن فقدانها هائل.
يمكننا الإستمتاع بما يمكننا الإستغناء عنه فقط.
من جانب آخر، يقود إمتلاك إحتياجات مفرطة إلى ظهور مشكلة إضافية أخرى تتمثل
بالتوليد التلقائي لحالة عدم الرضا.
عندما نملك إحتياجاً من هذا النوع، مثل إمتلاك منزل، نراكم الكثير من التوقعات. نعتقد بأنه عندما نمتلكه سنصبح سعداء أكثر. نتخيل مستقبل مفرح، مرضٍ، رحب، وعادةً، يخيب أملنا، لأنّ تحقيق تلك الرغبة الجامحة، لن يُنتِجْ الرضا المطلوب.
قائمة بالأفكار الرئيسية المولّدة للإنزعاج، وتؤثر على الأشخاص في زمننا الراهن:
أ. أحتاج إلى شخص يقف جانبي ويحبني؛ وإن لم يحدث هذا، تنقلب الحياة إلى
جحيم!
ب. يجب أن أتمتع بشخصية مميزة، أن أستغل إمكاناتي بشكل صحيح. في حال معاكس،
سأشعر بالفشل.
ت. لا يمكنني التساهل مع من يعاملني بقلّة احترام في الأماكن العامة. يجب
عليّ الرد دفاعاً عن صورتي.
ث. يجب أن أمتلك منزلاً. في حال معاكس، فأنا شخص فاشل ميّت من الجوع.
ج. امتلاك صحة جيدة هو أمر أساسي لأشعر بالسعادة. وما هو مرغوب أن أعيش
زمناً طويلاً؛ كلما زاد طوله، كان أفضل: حتى 100 عام أو أكثر!
ح. يجب أن أساعد عائلتي: أبواي، أجدادي، أبنائي ... مساعدتي أساسية ليشعروا
بالسعادة.
خ. فيما لو تخونني زوجتي، لن أتمكن من متابعة علاقتي معها. الخيانة أمر
فظيع يحطمني من الداخل.
د. يجب أن أمتلك حياة مؤثرة. في حال معاكس، حياتي مملة، وبصيغة ما، خائبة.
ذ. الأكثر هو الأفضل دوماً. التقدُّم دوما هو أمر حسن ويعني امتلاك المزيد
من الأشياء، مزيد من الفرص، مزيد من الذكاء؛ يبدو هذا صحيحاً في حالة الرغبة بأشياء
حسنة كل مرة أكثر من قبيل السلام والفرح.
ر. الوحدة أمر بالغ السوء. يحتاج البشر لوجود أحد قريب، لأنه في حال معاكس، سيكونوا تعيسي الحظّ.
هي قائمة واحدة فقط بين عدد كبير من القوائم المتوفرة.
بكل حال، كلها عبارة
عن إعتقادات غير عقلانية تؤدي للإنزعاج عصبياً وتفتقد لأيّة قاعدة منطقية.
لا يحتاج أحد لأيّ شيء من تلك الأشياء الحاضرة في القائمة:
لا شريك، ولا أمن مهني ولا صحّة، في الواقع.
الأمر عبارة عن تفضيلات وأهداف مشروعة، لكن، لا تشكل شروطاً مطلوبةً لتحقيق
السعادة.
يتبع
مواضيع ذات صلة
العلاج المعرفيّ (1) مقدمة ومصادر هذه السلسلة
العلاج المعرفيّ (2) في أصل الإنفعالات الحسيّة
العلاج المعرفيّ (3) الإستفظاع هو أمّ جميع الإضطرابات الإنفعالية
No comments:
Post a Comment