2. أصل الإنفعالات
تعوَّدَنا على مُزامنة الحوادث المؤثرة على حيواتنا مع الإنفعالات المتنوعة
الناتجة، مثل:
الغضب والرضى، الفرح أو الحزن.
على سبيل المثال، فيما لو تهجرني زوجتي:
سأشعر بالحزن.
فيما لو يشتمني أحد ما:
سأشعر بالإهانة.
نعمل على خلق علاقة خطية (السبب والأثر) بين الحوادث والإنفعالات.
حسناً، على هذا الصعيد، يقول المنهج العلاجي النفسي المعرفي لأجل التغيُّر
الشخصيّ، الآتي:
لا يجري الأمر على هذا النحو.
حيث توجد مرحلة وسيطة بين الحوادث الخارجية والآثار الانفعالية، تتجلى:
بالأفكار أو التفكير.
فيما لو أكتئب جرّاء هجران زوجتي لي، فلا ينتج هذا جرّاء الهجران بذاته، بل
لأنني أقول لنفسي شيئاً كهذا:
"آه،
أشعر بالوحدة، هو أمر فظيع للغاية، سأعيشُ تعيساً!".
حيث تساهم تلك الأفكار بإنتاج
الإنفعال الموافق فيَّ، وبهذه الحالة، يظهر الخوف واليأس والإكتئاب.
تُساهمُ الأفكار، تفسير الهجران، حواري الداخلي أو الذاتي:
بحدوث اكتئابي، وليس حدث ترك زوجتي لي.
في الواقع، يُقيمُ أشخاص آخرون، قد هجرهم أزواجهن، أو العكس، الحفلات!
تتميز تلك الأفكار السلبية، أو بإسمها المعتمد في علم النفس المعرفي
"الاعتقادات الغير منطقية"، بالآتي:
أ. خاطئة (مُبالَغ فيها).
ب. غير مفيدة (لا تساعد بحلّ المشاكل).
ت. تُنتِجْ إنفعالات مزعجة، أي تسبب المعاناة لنا.
تظهر الإنفعالات، بالتالي، إعتباراً من إمتلاك أفكار معينة فقط.
كلمة سرّ التغيُّر، هي:
بتعلُّم التفكير بطريقة مختلفة ذات
فعالية أكبر.
نحن عبارة عن أجهزة تقييم
نقيِّم كلّ ما يحدث لنا.
نتناول فنجان قهوة، وخلال تذوقنا له، ينشغل جزء من دماغنا بأسئلة مثل:
"هل القهوة لذيذة؟"، "هل تساهم بإيقاظي؟"، "هل
أستمتع بهذه الاستراحة؟"، "هل أكرر هذه التجربة؟".... لا يمكننا
التوقُّف عن القيام بهذا.
في الواقع، نُقيّم بشكل ثابت او مستمرّ، وعملياً، لا ننتبه لهذا الأمر.
هو كالتنفُّس.
يقوم قاريء هذا الموضوع، الآن، كذلك، بتقييم محتواه:
"هل هو ممتع؟"، "مفيد؟"، "يسليني؟".
من جانب آخر، كذلك، أُجري أنا الباحث تقييماً خلال كتابتي لهذه الأسطر:
"هل أعبّر جيداً؟"، "هل ما أبحثه مفيداً ومسلياً؟"،
"هل أستمتع بالبحث والكتابة؟".
أمرٌ لا يُصدّق!
لا نتوقف عن تقييم كل شيء وأيّ شيء!
حتى الرهبان البوذيين الذين ينعزلون في كهف للتأمُّل، لن يتمكنوا من
التوقُّف عن التقييم، ومن المؤكد أنهم يقيّمون بشكل أفضل مما نقوم به نحن، لكن،
يقومون به أيضاً.
يبحث هذا التقييم، بصورة حاسمة، عن تحديد إن تكن الحوادث "جيدة"
أو "سيّئة" بالنسبة لنا، "مفيدة" أو "ضارة".
حسناً، هذا التقييم جوهري لأجل سلامتنا الذهنية.
حيث تتوقف قوتنا، أو يتوقف ضعفنا، على نوعية هذا التقييم.
نستخدم مصطلحات عديدة في تقييماتنا، مثل إيجابي وسلبي، جيد وسيء، فظيع وممتع.
مع ذلك، هناك تنوعات بين كل حدين منها دون شكّ، أي جيّد أكثر أو أقلّ وسيء
أكثر أو أقلّ ...الخ.
مواضيع ذات صلة
No comments:
Post a Comment