29. تحقيق التغيير
فيما لو نرغب بتحويل أنفسنا إلى أشخاص قادرين على تغيير الآخرين، سيتوجب
علينا اتباع الخطوات التالية:
1.
"بيع" فوائد التغيير (الإقناع بإمكانيّة حدوثه، بكلمات أخرى).
2.
تعليم تقنية إحرازه.
نرغب جميعنا كبشر، في المقام الأوّل، أن نعيش بسعادة.
ما يحصل، في كثير من الأحيان، أننا نتصرف بصورة خاطئة ونظنّ بأنّ الطريق
الوحيد المُوصِلْ إلى السعادة، هو:
الأنانيّة المفرطة
البحث عن الراحة بأيّ ثمن
لكي يتحقق التغيير، يتوجب إثبات وجود طرق أفضل للوصول إلى السعادة، بحيث
تبدو أكثر وضوحاً وأكثر تناغماً وانسجاماً.
التغيير، تعلُّم عمل الأشياء بصيغة أخرى:
يحتاج إلى بذل الجهود والكثير من
الطاقة، وبالتالي، يحتاج إلى الشغف.
وسنجد هذا الدافع، فقط، عند شخص يملك رؤية للتغيير.
مع ذلك، يلجأ الآباء
والمربون، غالباً، إلى التخويف لتحصيل التغيير، تبدو هذه الجهود دون الوسط، إن لم
تكن غير مفيدة كليّاً.
دوماً، أتكلم خلال أحاديثي حول التربية والتعليم عن الحريّة.
فأيّ تغيير،
لكي يصبح عميقاً وطويل الأجل، يجب أن يظهر طوعياً، لأنه في حال فرضه قسراً، فلن
نقوم به نحن، لن نحتفظ به.
لا يُنتِجْ أيّ فعل بالإكراه شعوراً بالرضى وبالإستمتاع وبالإنجاز.
نُخفق كأشخاص ليس بسبب إمتلاكنا لنزعة شريرة، بل جرّاء إعتقادنا بأنّ هذا
هو أفضل صيغة للعيش الصحيح.
في حال عدم تمكننا من إقناع الآخر بالتغيير، فالمشكلة مشكلتنا.
عدم الركون لفكرة تمكُّن الآخر من القيام بعمل الأشياء، ففي كثير من
الأحيان، لا يجري الأمر هكذا، توجد تقنيات صالحة، يمكن أن يتعلمها الجميع.
إما أن يحدث التغيير بشكل طوعيّ أو لن يحدث أبداً.
30. صاحب الحاجة أرعن
نانين، هو معلّمٌ يابانيّ قد عاش في عهد الامبراطور الإصلاحيّ موتسيهوتو (تسمى حقبة استلامه السلطة بحقبة ميجي وتصادف الفترة الممتدة بين العامين 1852 و1912)، أبلغوه بأنّ مسؤول قسم الأديان المقارنة بجامعة طوكيو يرغب بزيارته.
فيما أخبرته سكرتيرة المسؤول مسبقاً بالزيارة وأكدت له أنّ
رئيسها لا يملك الكثير من الوقت، بحيث سيتوجب عليه العودة سريعاً لمتابعه مهامه
الوظيفية في الجامعة.
عندما وصل، ألقى التحيّة على المُعلِّم، ودون مقدمات، سأله عن معنى الحياة.
قدّم المعلّم نانين الشاي له وتابع سكبها في الفنجان الممتليء بهدوء منقطع
النظير.
لم يتمكن المسؤول الجامعي من تمالك نفسه، حين رأى الشاي تطفح من الفنجان،
فقال له:
-
ألم تنتبه إلى أنّ فنجان الشاي ممتليء بشكل كامل؟ بحيث لا تمكن إضافة نقطة واحدة
حتّى!
-
كهذا الفنجان - أجاب المُعلّم نانين ولم تفارق الإبتسامة شفتيه - تمتليء أنت
بالآراء.
كيف يمكن شرح معنى الحياة لك، قبل أن تبدأ بإفراغه أولاً؟!
علينا التمتُّع بذهن منفتح جداً جداً.
لنتذكر بأنه لكي نتحول أو نتغير، يتوجب علينا طرح رؤى أخرى للواقع.
31. الغيرة العاطفية
من منّا لم يمتلك مشاعر الغيرة البشعة بلحظة معطاة ما؟
ففي تلك اللحظات، يختفي الشخص اللطيف والسعيد ليظهر بدلاً منه ذئب جريح
ودموي عادة!
لترك الغيرة خلفنا، يتوجب علينا تخفيف تعصبنا للزواج الأحاديّ.
علينا فهم أنّ الجنس عبارة عن أمر طبيعي ووظيفة أخرى للجسم، مثله مثل
الطعام والتغوُّط وسواهما.
المهم في علاقة زوجية هو الدعم والحنان والتسلية
المشتركة لا ممارسة الجنس فقط.
يًشكّل التمتع بالقدرة على التسامح، على مستوى ذهني، حال خيانة الشريكة /
الشريك، سرّ مضاد للغيرة.
الخداع والكذب ليسا مرغوبين، لكن، لا يشكّلا
أعمالاً إرهابيّة ستقودنا إلى حرب نووية. كلنا نكذب أحياناً، حتى وإن كان بدافع
الرأفة.
32. العيشُ وحيداً أو منعزلاً
الإكتئاب جرّاء الإنفصال العاطفي أو الهُجران أو الفُقدان هو من أكثر
الأمراض النفسيّة العُصابية إنتشاراً.
نكتئب ككائنات بشرية بمواجهة الانفصال البسيط والصريح، لأننا لا نفكّر بشكل
مناسب، لأننا نعتمد نظام قيم غير مناسب.
لا يجب أن أن نحزن كثيراً لهذا السبب!
الحبّ العاطفيّ جميل، لكن، الأجمل هو الحياة، هي أجمل بكثير!
عندما نغرق في وهم الإحتياج لأحد ما كي نصبح سعيدين، فإننا نُخمِدُ قدرتنا
على التمتُّع بالعالم.
نضع كلّ البيض بسلّة واحدة ونعتمد على نظام غذائي واحد جوهره البيض المقلي!
الحياة هي أكثر من هذا بكثير، هي:
خبز ومعكرونة وشوكولا وقهوة وعدد
غير محدود من الأغذية؛ هي حبّ أخوي ومسلي؛ هي عبارة عن تعلُّم واكتشاف وتأمُّل
وإعجاب؛ الحياة مبهرة لإنسان سليم وهو ما لا تشكله بالنسبة لعاشق عُصابيّ!
يبالغ المجتمع الراهن بتقييم الحب العاطفيّ. هناك الكثير من الادلة التي
تثبت هذا الأمر:
يعيش كثير من الأشخاص حالة شراكة عاطفية، مع ذلك، ليس لديهم الكثير من
السعادة. فيما لو يملك الحب العاطفي كل تلك الأهمية، فيجب أن تصبح السعادة غامرة
للعلاقة دوماً.
مجموعات كبيرة من الأشخاص السعيدين - رهبان وراهبات بجميع الأديان - هي
بعيدة عن الشراكة العاطفية ببساطة.
لا أريد القول، عبر هذا، بأنّ الحبّ العاطفي شأن غير هام. لا يوجد شيء قليل
الأهمية - سيما شيء متعلق بالحنان بين الأشخاص - بالرغم من أنه أمر يمكن الاستغناء
عنه.
تحويل الحبّ العاطفي إلى ضرورة حيوية، أمر يُنتِجْ أثر سلبي يمنعنا من
التنعُّم بكل ما يحيط بنا.
يمكن القول بأنّ تحويل الحبّ العاطفي إلى صنم (تقديس) يكافيء تحويل الجنس
أو جهاز المقامرة بالنقود إلى صنم.
إنّ إعطائه أهمية زائدة عن الحدّ، يحدّ من القدرة على التمتُّع بنشاطات
أخرى:
حيث يشعر بشيء من المتعة - وبشكل غير دائم - خلال ممارسة الجنس مع عاهرة أو
خلال سماع رنين النقود في جهاز المقامرة.
فيما تنطفيء جوانب حياته الاخرى.
تبالغ مجتمعاتنا في تقدير الحبّ العاطفي.
الحب أمر إيجابي، لكن لا يشكّل
ترياق سعادة.
تخفيف أهمية الشراكة العاطفية، سيسمح لنا بزيادة الشغف بباقي أوجه الحياة،
أن نصبح أقوى وأكثر سعادة بالعموم.
عندما يتساءل شخص عن سبب الإنفصال، يعني أنه لا يرغب بطي الصفحة.
الحياة عبارة عن تغيُر مستمرّ وهذا الأمر رائع جداً.
لأجل طيّ الصفحة، يجب أن نصبح صارمين بالقدر الكافي، كي نستحق الجائزة، التي
هي عبارة عن حياة أكثر سعادة.
يتبع
مواضيع ذات صلة
العلاج المعرفيّ (1) مقدمة ومصادر هذه السلسلة
العلاج المعرفيّ (2) في أصل الإنفعالات الحسيّة
العلاج المعرفيّ (3) الإستفظاع هو أمّ جميع الإضطرابات الإنفعالية
العلاج المعرفيّ (4) الرغبات والإحتياجات
العلاج المعرفيّ (5) الإنشغال الزائد وروتين النقاش المعرفيّ
العلاجُ المعرفيُّ (6) الملل والخجل وإتخاذ القرارات
العلاجُ المعرفيُّ (7) الصداقة وإطلاق الأحكام والشجار والتهدئة
العلاجُ المعرفيُّ (8) العدالة وضرورة العمل
العلاج المعرفيّ (9) الإحباط والمعاناة من الواجبات والإهتمام بالصحّة
العلاجُ المعرفيُّ (10) مصدر السعادة والمنهج العلاجي الإدراكي المعرفي واتقدير الذاتيّ والإكتفاء
العلاجُ المعرفيُّ (11) تجاوز العُقد ولا للصراع مع الأشياء والأشخاص
العلاجُ المعرفيُّ (12) مواجهة المصائب ولا خشية من المسؤولية وضرورة تخفيف القلق
العلاجُ المعرفيُّ (13) ضرورة تجاوز الآلام والمخاوف والموت
العلاجُ المعرفيُّ (15) قواعد نافعة وبرمجة العقل والمنهج العلاجي المعرفيّ
No comments:
Post a Comment