2. البظر والحياة الجنسية
يناسب هذا الموضوع دارسي التربية
الجنسية، إضافة إلى كل مَن يهمه هذا الأمر، باتجاه معرفة الحياة الجنسية لدى
الإناث، وفق نموذج تعليم جنسي متكامل هادف إلى تعزيز الحياة الجنسية بأبعاد هوية
ومتعة.
في هذا الصدد، سيتم العمل على تعميق
المعرفة بجنسانية الإناث، كي تأخذ الحيِّز الذي تستحقه، والذي يشرعن الحق بالمتعة
في البعد الجنسي في مجتمع ذكوري، قد حوَّل المرأة، تقليدياً، إلى "غرض"
يخدم الجنسانية الذكرية، بحيث اقتصر دورها على الجِماع لأجل التكاثر وإشباع رغبة
الذكر.
هكذا، وفي فضاء تبني مناصرة الحياة
الجنسية الانثوية، يصبح تسليط الضوء على عضو المتعة الجنسية الوحيد لدى الإناث:
"البظر"، أمراً لا يمكن الإستغناء
عنه.
في هذا الإطار، يسلط هذا الموضوع الضوء
على قصة هذا العضو اعتباراً من القرن السادس عشر ميلادي، حيث جرت تسميته للمرة
الأولى في سياق مقالة طبية، إلى الوقت الراهن؛ قصة يبرز خلالها "محاكمة"
و"تعذيب" هذا العضو على مدار قرون وصولا للوقت الراهن.
كذلك، يجري شرح وظيفة البظر في جسد
المرأة، تُعرَضْ بنيته والأقسام التي تكونه؛ بالإضافة إلى ممارسات علمية جنسية
لإثارته وتحفيزه.
كما جرت الإشارة، يمكن إعتبار هذا الموضوع
كمورد مكمل في القاعات المدرسية، في حصص الحياة الجنسية والصحة، وكذلك، كدليل
توجيهي لأشخاص من كل الأعمار، من عمر المراهقة وحتى الشيخوخة.
هناك حاجة إلى تعزيز المعرفة بالحياة
الجنسية لدى الإناث وتشجيع المواقف الإيجابية تجاهها، |إضافة إلى تسليط الضوء على
البظر بوصفه عضو المتعة الرئيسي، كذلك، تسليط الضوء على حق النساء في امتلاك متعة
جنسية خاصة مشروعة.
باختصار، الإسهام في بناء المساواة،
تشجيع موقف تأملي ونقدي تجاه نموذج الجنسانية الذكورية، الجِماعية والمتركزة حول
الذكر.
لأجل تحقيق هذه الأهداف، تُستخدَمُ
منهجية بنّاءة ومبتكرة، بحيث يتحدث البظر، بوصفه بطل هذه القصة، بصوته الحيّ عن
قصته وخبراته.
وهو ما سيحول هذه المادة إلى دليل
جذَّاب وجديد، يسهِّل التعليم الهادف.
3. البظر مُتحدِّثٌ عن نفسه!
مرحباً!
اسمي بظر، قررتُ، أخيراً، أن أتحدث عن
قصتي الحقيقية، كي أوضح، مرة واحدة وإلى الأبد، بعض القضايا المجهولة المحيطة بي.
الحقيقة أنني لا أعرف من أين أبدأ.
لكن، سأبدا بالقول بأنّ حياتي قد طالها
الكتمان والإخفاء والعنف دوماً.
فمنذ القديم، حاول كثيرون إقصائي
وإسكاتي، سيما أنهم رغبوا "بإخفاء" وظيفتي الهامة التي أؤديها في جسد
الإناث، والتي سأحدثكم عنها لاحقاً.
يرد اسمي من الكلمة اليونانية كليتوريس،
التي تعني:
"الجبل الصغير".
أنا العضو الوحيد، لدى الإناث، المتخصص
بشكل كامل بمتعتهن الجنسية، وأتكوَّن من آلاف النهايات العصبية والأوعية الدموية،
حيث أحقق ذات الوظيفة التي يحققها القضيب لدى الذكور، بالرغم أنني وبخلافه، لا
أساهم في الآلية التكاثرية ولا البولية، أي أنا متخصص حصرياً في المتعة الجنسية
لدى الأنثى فقط لا غير.
على نحو تدريجيّ، هنا، سأكشف أسراري
الأكثر حميمية، كي تتعرفوا عليَّ بالشكل الأفضل، فأعرض خبراتي من خلال التعامل
معي، تعذيبي وحتى قتلي؛ وظيفتي في الجسد الأنثوي والأجزاء التي أتشكل منها؛
الممارسات التي تثيرني، انتاجي لمتعة لا حدود لها؛ وزياراتي إلى الأخصائي النسائي.
سيساعدكم كل هذا في اكتشاف هويتي، بأن
تعرفوا قيمتي، بأن تدللوني وتكتشفوني.
اهتم بدراستي كثير من الأشخاص.
رغم
ورود جزء من المعلومات التالية في الجزئين الأول والثاني، فأنا شخصياً، كبظر،
أكررها، هنا، على لساني مع المزيد من التفاصيل:
بحسب تلك الأبحاث، ورد إسمي، للمرة
الأولى، في مقال طبي خلال القرن السادس عشر ميلادي، ولو أنه لا أحد يعرف هذا الأمر
على وجه الدقة.
تحدث أستاذ الجراحة ماتيو ريلاندو
كولومبو، الذي عمل في جامعة بادوا (إيطاليا)، عني في كتابه الخاص بالتشريح المنشور
في العام 1559. لكن، كان معلمه، أندرياس بيساليوس، الذي درس أعضاء التكاثر
الأنثوية، وبلغ شهرة واسعة، قد نسي اكتشاف كولومبو، وبهذا نسيني كذلك.
مع هذا، يُقال دون وجود تأكيدات، بأن
الطب قد تعرف عليَّ منذ القرن الثاني ميلادي، عندما عرفني الطبيب روفس الأفسسي
ووضع إسماً لي.
حتى العام 1844، عندما لم يُعِدْ
اكتشافي أخصائي التشريح الالماني جورج كوفيل، فقط، بل نشر رسوم ممتازة لي، جرى
نشرها في بدايات القرن العشرين بأهم كتب التشريح، سيما في دليل تشريح غراي.
مع ذلك، العام 1865، وهي اللحظة، التي
مثَّل فيها البظر خلاصة كل الشرور، بل حتى "علامة الشيطان"، اعتبر بيكر
براون، رئيس الجمعية الطبية البريطانية، أن التبظُّر الانثوي هو أصل أمراض وإنحرافات
عديدة، حيث يمكنه التسبب بالعمى وبالاختلال الذهني وبالهستيريا وبالصرع وبالخرف
وبالموت المبكر حتى، ولهذا، نصح باستئصال البظر كمنهج رئيسي في الوقاية، ورغم
تشكيك زملائه الأطباء في فعالية هذه الممارسة، فقد استمر إجراء عملية استئصال
البظر حتى العقد الثاني من القرن العشرين.
بصورة غامضة، خلال العام 1948، تختفي
من طبعة تشريح غراي، سالف الذكر، التفاصيل والرسوم الخاصة بي، والتي نشرت قبل قرن
فيه.
بمرور سنوات عديدة، في عقد الستينات،
درسني طبيب النساء الشهير وليام ماسترز وزوجته الأخصائية النفسية فيرجينيا جونسون،
وقد بيّنا، من جديد، أهميتي على صعيد المتعة الجنسية الأنثوية، كوظيفة حصرية لي.
مع ذلك، وعلى الرغم من الجهود الكبرى
في إعادة الاكتشافات لباحثين مرموقين بتلك الحقبة، ففي عقد السبعينات من القرن
المنصرم، اعتبروا أن إسمي مُسيء في وسائل الإعلام، والأنكى من هذا، هو تحوُّل إسمي
إلى كلمة محرمة، خصوصاً في بعض البلدان.
في الوقت الراهن، ما أزال غير مرئيّ،
يتحدثون قليلاً عني أو لا يذكروني، وعند الحديث عن التربية الجنسية في المدارس،
يتحاشون ذكري والتنويه إلى وجودي، كذلك، يتم إقصائي من الكتب، بسبب عدم تشكيلي
لجزء من جهاز التكاثر، وهو ما يمكن اعتباره فعل "استئصال" أو
"اجتثاث معرفي" للبظر.
باختصار، تتسم قصة حياتي بالإقصاء والتعامل السيء.
طغى المهبل عليَّ دوماً، بوصفه العضو
المشارك في التكاثر، حيث جرى اعتباره تقليدياً العضو الانثوي المقابل للقضيب
الذكري.
وبهذا مُنِعَتْ الإناث من إستعمال جزء
من جسدهن، يحمل أهمية بالغة في متعتهن.
تستحق بعض العادات، التي مورست عليَّ،
إيلاءها الإهتمام الخاص، وكتبعة لها، أثرت سلباً على الحياة الجنسية الانثوية.
يتبع
مصادر هذه السلسلة متوفرة في الجزء الأوّل
مواضيع ذات صلة



No comments:
Post a Comment